للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَبَب هلاكها، لِأَنَّهَا بذلك السّمن تذبح وتؤكل.

وَفِي التَّوْرَاة مَكْتُوب: " كل ظلم علمه السُّلْطَان من عماله، فَسكت عَنهُ، كَانَ ذَلِك الظُّلم مَنْسُوبا إِلَيْهِ، وَأخذ بِهِ، وعوقب عَلَيْهِ ".

وَيَنْبَغِي للوالي أَن يعلم أَنه لَيْسَ أحد أَشد عَيْبا مِمَّن بَاعَ دينه وآخرته بدنيا غَيره. وَجَمِيع الْعمَّال والغلمان لأجل نصِيبهم من الدُّنْيَا يغرون الْوَالِي، ويحسنون الظُّلم عِنْده، فيلقونه فِي النَّار، ليصلوا إِلَى أغراضهم، وَأي عَدو أَشد عَدَاوَة مِمَّن يسْعَى فِي هلاكك لأجل دِرْهَم حرَام يكتسبه ويحصله؟ وَفِي الْجُمْلَة يَنْبَغِي لمن أَرَادَ حفظ الْعدْل على الرّعية، أَن يرتب غلمانه وعماله للعدل، ويحفظ أَحْوَال الْعمَّال وَينظر فِيهَا كَمَا ينظر فِي أَحْوَال أَهله، وَأَوْلَاده، ومنزله، وَلَا يتم لَهُ ذَلِك إِلَّا بِحِفْظ الْعدْل أَولا من بَاطِنه، وَذَلِكَ أَلا يُسَلط شَهْوَته وغضبه على عقله وَدينه، وَلَا يَجْعَل عقله وَدينه أسيري شَهْوَته وغضبه، بل يَجْعَل شَهْوَته وغضبه أسيري عقله وَدينه.

وَأكْثر الْخلق فِي خدمَة شهواتهم، فَإِنَّهُم يصرفون همتهم فِي عمرهم على الْحِيَل، ليصلوا إِلَى مُرَادهم من الشَّهَوَات، وَلَا يعلمُونَ أَن الْعقل من جَوْهَر الْمَلَائِكَة، وَمن جند الْبَارِي جلت قدرته، وَأَن الشَّهْوَة وَالْغَضَب من جند

<<  <   >  >>