اشترط المؤلف أن يكون طويلاً وأن يكون مباحاً لقوله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وقال المؤلف: للمسافر أن يصوم ويفطر والفطر أفضل ثم استدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصوم في السفر) وفيما ذهب إليه المؤلف نظر والصواب أن المسافر له أن يصوم ويفطر لأن الصحابة (كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم منهم الصائم ومنهم المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) وكذلك حديث حمزة بن عمرو الأسلمي حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم (إن شئت فصم وإن شئت فافطر) وأما قول المؤلف إن الفطر أفضل ففيه نظر أولاً: لأنه استدل بما هو أخص من العموم فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصيام في السفر) إنما قاله في حال معينة وهي أنه رأى زحاماً ورجلاً قد ضلل عليه والناس يتزاحمون عليه ينظرون ما حاله فقال ما هذا؟ قالوا صائم قال (ليس من البر الصيام في السفر) يعني إذا أدى إلى هذه الحال فليس من البر وهذا لاإشكال فيه ولا يقال إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب نقول: نعم العبرة بعموم اللفظ ولهذا قلنا يشمل هذا الرجل وغيره من كانت حاله كحاله لكن إذا علمنا أن الحكم رتب على حال معينة فإنه لا يجوز أن نعممه وإلا لقلنا إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل البر لأنه كان يصوم في السفر فالقول الراجح أن يقال من شق عليه الصوم في السفر فليس من البر أن يصوم ومن لم يشق عليه فالأفضل الصيام لوجوه ثلاثة: