الشيخ: السبب الثاني لوجوب الصيام رؤية الهلال ويكفي فيه على القول الراجح رؤية واحد سواء انفرد أو مع جماعة والتعليل بأنه إذا كان مع جماعة يوجب التهمة لأنه كيف يراه وهم لا يرونه؟ هذا تعليل عليل مادام أن الرجل ثقة وشهد أنه رأى الهلال فإنه يجب أن يقبل ولهذا جاء حديث عبد الله بن عمر يؤيد هذا (أن الناس تراءوا الهلال يعني جعلوا يري بعضهم بعضاً الهلال فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه فصام وأمر الناس بالصيام) وكونهم لا يرونهم ربما يكون هناك قوة بصر فى الرائي ينفرد به دونهم وربما يزيغ البصر ولذلك تجد نفسك أحياناً ترى الهلال ثم إذا التفت وطلبته ثانية لم تره فالصواب أنه يقبل شهادة الواحد ولو كان معه جماعة وأما المرأة ففيه هذا الخلاف الذي ذكره المؤلف هل تقبل أو لا؟ والصواب أنها إذا كانت في مكان واحد يعني ما فيه رجال فإنها تقبل ولو قيل بالقبول مطلق كما هو المذهب لكان له وجهاً أما التعليل بأنه لا يقبل فيه شهادة الفرع مع إمكان شهادة الأصل فهذا لأنه خبر ديني ينبغي أن يحتاط فيه وشهادة الفرع هي أن يحمل الشاهد شهادته شخصاً آخر فيكون الشاهد الأول أصلاً والثاني فرعاً، مثلاً باع زيد على عمرو سلعة وعندهما شاهدان يشهدان على العقد هذان الشاهدان سافرا لكنهما حَمَّلا شهادتهما شخصين آخرين فقالا لهما اشهدا على شهادتنا بأننا نشهد بأن فلاناً باع على فلان كذا فالشهادة الثانية فرع والشهادة الأولى أصل.
أما الشهادة بدخول الشهر فلا يقبل فيها الفرع مع إمكان الأصل وهذا يدل على أن فيها جانباً كبيراً من مراعاة الشهادة بخلاف الخبر فالخبر لو أخبرك إنسان بأن الوقت دخل وهو رأى أن الفجر قد طلع ولكنه ذهب لحاجته وقال لآخر إن الفجر قد طلع فإنه لا بأس أن يخبر بخبره وعلى كل حال المرأة الثقة إذا شهدت بأنها رأت الهلال فإنها تقبل ولاسيما إذا كانت في مكان ليس معها غيرها.