للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله إن المعتكف يحرم عليه أن يطأ دليله قول الله تعالى (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) والمباشرة هي الجماع فإن جامع فسد اعتكافه لأنه ارتكب منهياً عنه في العبادة بخصوصه فأفسدها كما لو أكل في الصوم أو تكلم في الصلاة.

والعبادة إذا فعل منهياً عنه فيها بخصوصه فإنها تفسد به يقول المؤلف والعامد والساهي سواء لأن الجماع يستوي عمده وسهوه بدليل الحج والصوم هذا حكمٌ وقياس لكنه قياس غير مسلم لأن الأصل الذي بُني عليه غير مسلم والقول الراجح في هذه المسألة أن جميع المحظورات في العبادة إذا فعلت سهواً أو جهلاً أو إكراهاً فإنها لا تضر العبادة في شئ ولا تبطل وبناءً على ذلك نقول للمؤلف إننا لا نسلم لك الأصل الذي قست عليه وما الدليل على أن هذا المحظور يستوي فيه العمد والسهو والجهل والعلم فالصواب أنه إذا جامع ناسياً لم يفسد اعتكافه ولكن هذا قد يكون من أندر النادر لأنه لن يجامع في المسجد إنما يتصور الجماع فيما لو خرج إلى حاجة ثم نسي وجامع زوجته وهذا أيضاً بعيد لأن المتلبس بالاعتكاف سيكون ذاكراً له فالنسيان بعيد والجهل أيضاً قد يكون بعيداً لكنه أقرب من النسيان والصواب أنه لا شئ عليه في الحالين، ومثل ذلك الإكراه فلو أن امرأةً كانت معتكفة وخرجت لما لا بد لها فيه من الخروج وجامعها زوجها مكرهة فإن اعتكافها لا يبطل لعموم الأدلة الدالة على رفع حكم الإكراه فيمن أكره على شئ على فعل محرم وأما قولهم إن عليه الكفارة بالجماع فيه فهذا ليس بصواب والكفارات لا قياس فيها ولذلك نقول إن الصائم إذا تعمد الفطر فلا كفارة عليه مع أنه لو تعمد الفطر بالجماع فعليه كفارة وذلك لأن الكفارات ليس فيها قياس ولا يمكن أن يكون الجماع في الصوم أو في الحج مساوياً للجماع في الاعتكاف حتى نقول لا بد أن يلحق بهم ثم بأي شيءٍ تلحقه؟ أتلحقه بكفارة الجماع في الحج فتوجب بدنة؟ أم بالجماع في

<<  <  ج: ص:  >  >>