ولكن هل هو من كل من مر به؟ لا بل ممن يريد الحج أو العمرة فلو مر به لا يريد الحج والعمرة ولكن فيما بعد بدا له أن يحج أو يعتمر قلنا له أحرم من حيث بدا لك، وفي هذا الحديث من كان دون هذه المواقيت فميقاته من مكانه حتى أهل مكة يحرمون من مكة وإحرامهم بالحج من مكة ظاهر فإن أهل مكة أحرموا من مكة بالحج وكذلك المحلون من الآفاقيين أحرموا من مكة كالصحابة الذين حلوا من إحرامهم متمتعين أحرموا من مكة لكن بقينا في العمرة هل يحرم أهل مكة من مكة في العمرة أو لا؟ ذهب بعض العلماء إلى ذلك وقال يجوز أن يحرموا من مكة أخذاً بظاهر الحديث ولكن هذا قولٌ ضعيف فالصواب أنَّ أهل مكة يحرمون بالعمرة من الحل ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لأخي عائشة حين أرادت أن تحرم بعمرة ليلة الحصبة قال (اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة) فإن قيل إن عائشة من الآفاقيين فالجواب أن هذا ليس بمؤثر لأن الآفاقي إذا أراد الحج وهو في مكة يحرم من مكة فلو كانت العلة كونها من أهل الآفاق لقلنا إن أهل الآفاق يحرمون بالحج من الحل من خارج الحرم ولكن العلة هو أنه لا بد لكل نسكٍ من أن يجمع الإنسان فيه بين الحل والحرم ففي العمرة نقول اخرج إلى الحل وأحرم، وفي الحج نقول إنه سوف يجمع بين الحل والحرم وذلك بالوقوف بعرفة لأن عرفة من الحل ثم إن الوافد إلى البيت لا بد أن يفد إليه من خارج الحرم وإلا لكان طوافه طوافاً غير طواف نسك والدليل أن طواف الإفاضة يكون بعد الوقوف بعرفة فيفد الإنسان إلى البيت من الحل كذلك العمرة نقول لا بد أن تخرج إلى الحل حتى تفد إلى البيت من الحل.