للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أراد الحج والعمرة وتجاوز الميقات بلا إحرام فهل هو آثم؟ أو نقول إن الرسول وقَّتها لا على سبيل الوجوب؟ الجواب هو آثم والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقَّتها على سبيل الوجوب لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) وهذا خبرٌ بمعنى الأمر والخبر بمعنى الأمر أوكد من إتيان الأمر بصيغته لأن إتيانه بلفظ الخبر يدل على أنه أمرٌ مفروغ منه ولا بد منه فالصواب أنه يجب على من أراد الحج والعمرة إذا مر بهذه المواقيت أن يحرم فإن لم يفعل فهو آثم لا شك لكن هل يجب عليه دم فدية لذلك؟ أكثر العلماء يقولون بهذا وأنه يجب على من ترك واجباً أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء جبراً لما نقص واستدلوا لهذا بأثر ابن عباس رضي الله عنهما المشهور عنه وهو (من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فليهرق دماً) والحقيقة أنه عند تمحيص هذا الخبر بعد صحة نقله إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن يقال إنه ليس على عمومه وأنتم لا تأخذون بعمومه أيضاً فإن ظاهره أن من ترك شيئاً من نسكه ولو غير واجب فعليه أن يريق دماً وكذلك من نسي ثم نقول (فليهرق دماً) اللام للأمر وهل الأمر للوجوب؟ ليس للوجوب في كل موضع بل قد يكون لغير الوجوب لكن يرشح كونه للوجوب أنه ترك واجباً والواجب لا يجبر إلا بواجب فعلى كل حال الاحتياط أن يؤمر الإنسان بدم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء وإنما قلنا إن هذا هو الاحتياط لأننا لو قلنا لإنسان تاركٍ لواجبٍ من واجبات الحج أو العمرة ليس عليك دم لكن استغفر الله وتب إليه يقول سهل فقط التوبة أملأ لك منى ومزدلفة وعرفات كلها توبة ولا تأخذ مني ولا قرش، فالحاصل أني أقول إن إلزام الناس بالدم في ترك الواجب لا شك أنه من باب سد الذرائع عن التهاون بالواجبات فنحن نقول للناس قال العلماء كذا وكذا ونحن مقتنعين بأن فيه سداً للذريعة بلا شك وإلا لتهاون الناس بواجبات

<<  <  ج: ص:  >  >>