للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: في هذا الحديث دليلٌ على عظمة تحريم هذا البيت وأن الله حرمه يوم خلق السماوات والأرض فإن قال قائل أليس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (إن إبراهيم حرم مكة) فنقول بلى لكن المراد بتحريم إبراهيم مكة أنه أظهر تحريم مكة وبينه وإلا فإن هذا البلد حرامٌ بحرمة الله منذ خلق السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة وفي هذا الحديث دليلٌ على جواز مراجعة الحاكم وولي الأمر لأن العباس راجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم ينكر عليه وفيه دليل على أن الفاضل قد يغيب عنه ما يظهر للمفضول مثل قول العباس إلا الإذخر فإنه لبيوتهم وغيره والنبي عليه الصلاة والسلام يعلم هذا لا شك لكن قد يغيب على الإنسان الفاضل ما يتبين لمن دونه وفيه دليلٌ على جواز الاستثناء بدون اتصال في المستثنى منه لأن العباس ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد انتهاء الخطبة وفيه دليل على أنه لا يشترط في الاستثناء أن ينويه قبل تمام المستثنى منه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم ينوِ ذلك وهذا والذي قبله هو الصحيح أن الاستثناء يجوز وإن لم ينوه إلا بعد تمام المستثنى منه وأنه يجوز ولو حصل فصل لكن بشرط أن يكون الكلام واحداً فإن استثنى بعد الانقطاع وبعد مفارقة المجلس فإنه لا يصلح الاستثناء بل لا بد من إعادة الجملة السابقة حتى يصح الاستثناء منها وفيه أيضاً في هذا الحديث دليل على أن بعض الناس قد يكون مفتاحاً للخير والتيسير وعلى العكس من ذلك من يكون سبباً للتضييق على الناس ولهذا جاء في الحديث (من أعظم الناس جرماً رجلٌ سأل عن مسألةٍ لم يحرمها الله فحرمت من أجل مسألته) لأنه يكون بذلك سبباً للتضييق على الناس وفيه دليل على حرمة الآدمي في مكة لأنه إذا ثبتت هذه الحرمة للأشجار وهي جماد وثبتت للصيد أيضاً فما بالك بالإنسان وفيه أيضاً دليل على أنه لا يجوز قطع الشوك من الشجر في مكة لقوله (ولا يعضد شوكها) وما لا شوك

<<  <  ج: ص:  >  >>