للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من باب أولى فإن قال قائل الناس يضطرون إلى طريق فيه أشجارٌ كثيرة من الشوك فهل يجوز لهم أن يزيلوها عن الطريق الجواب نعم إذا لم يكن لهم طريقٌ إلا هذا فإنه يجوز كما لو اضطر الإنسان إلى أكل الصيد في الحرم فإنه يقتله ويأكله فإن قال قائل إذا كانت الشجرة في أرضٍ لي نبتت بفعل الله وأنا أريد أن أبني هذه الأرض نقول إذا كان يمكنك أن تبني في الجانب الذي ليس فيه شجرة فافعل وإن كان لا يمكنك بحيث تكون الأشجار منتشرة أو المكان صغيراً فالظاهر أن هذا من جنس الاضطرار وأن له أن يقلعها لا يقال إن لها حرمة لأننا نقول حرمة الآدمي أوكد وأعظم وإذا فرضنا مثلاً أن جميع مكة مفروشة بالأشجار نقول لأهل مكة لا تبنوا هذا فيه صعوبة.

الشيخ: وأضاف في الحديث (خلاها)، (شوكها) هذا إلى مكة ليخرج به ما ينبته الآدمي فإن ما يغرسه الآدمي كالنخل والعنب وما أشبهها ليس بحرام لأن هذا ينسب إلى مالكه الذي غرسه والمراد الأشجار التي نبتت بغير فعل الآدمي كما أن القول الراجح أن الإنسان إذا أدخل صيداً إلى الحرم فإنه ملكه حلال ولا يلزمه إطلاقه وله أن يذبحه.

القارئ: وحكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء والسمك في التحريم كصيد البر لعموم قوله (لا ينفر صيدها) ولأن حرمته بمحله وهما في المحل سواء وعنه لا يحرم لأنه لا يحرمه الإحرام فلم يحرمه الحرم كالسباع وسائر الحيوانات كلها.

الشيخ: وهذه الرواية الثانية هي الصواب بلا شك وأن صيد البحر في الحرم ليس حراماً فلو فرض أن بحيرة صارت في الحرم وظهر فيها أسماك فإن الأسماك هذه حلال لأن الله تعالى يقول (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً).

<<  <  ج: ص:  >  >>