للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل هذا التعبير صحيح لأن أصل المبيت واجب وكونه إلى نصف الليل واجب أيضاً فيجب المبيت في مزدلفة والاستمرار إلى نصف الليل الدليل قول الله تعالى (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) والأصل في الأمر الوجوب ولحديث عائشة رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله وذكرت ترخيصه لسودة وقالت لأن أكون استأذنت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما استأذنت سودة لكان أحب إلي من مفروح به فهذا يدل على وجوب المبيت في مزدلفة ولكن قال إلى نصف الليل هذا محل نظر فإن ظاهر فعل الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعده أنهم دفعوا في آخر الليل وإذا نظرنا في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها تنتظر غروب القمر تبين لنا أن الدفع إنما يكون بعد ثلثي الليل لأن القمر في تلك الليلة لا يغيب إلا في هذا الوقت أو نحوه وهذا أيضاً فيه خلاف من العلماء من قال إنه ركن ومنهم من قال إنه سنة وعلى الخلاف فمنهم من قال إذا نزل في مزدلفة وصلى المغرب والعشاء فله الدفع من أول الليل ولهذا نرى بعض الحجاج إذا صلى المغرب والعشاء دفع بناءً على هذا القول وعند العامة أهم شيء أن تلقط الحصى فذكر الله عندهم في المشعر الحرام هو التقاط حصى الجمرات وهو عندهم أهم من صلاة المغرب والعشاء والمراد الجهال منهم.

رمي الجمرات من واجبات الحج ودليله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رمى وقال (خذوا عني مناسككم) وأنه أمر أن نرمي مثل حصى الخذف ونهى عن الغلو وأنه أمر الضعفة من أهله أن يتقدموا إلى منى خوفاً من الزحام عند الرمي ولو كان الرمي أمراً مستحباً ليس بواجب لأبقاهم معه وإذا وصلوا إلى منى وكان زحاماً تركوه فكونه يثلم ليلة المزدلفة من أجل أن يتقدم هؤلاء إلى الجمرات ليرموا يدل على أن الرمي واجب وهو كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>