الشيخ: لكن إذا كان الداخل أميناً ولا يمكن أن يسرق ولا أن يدل السُّرَّاق فهنا الاحتمال البعيد لا ينبغي أن تناط به الأحكام، فالصواب أنه إذا أدخل إليها أحداً فإنه إن كان يخشى منه فهو ضامن وإلا فلا فلو أن هذا المُودَع أدخل إخوانه أو أصدقائه للبيت الذي فيه الوديعة وقال صاحبها لا تدخل فيه أحد فليس عليه شيء.
فصل
القارئ: وإن أراد المُودَع السفر أو عجز عن حفظها ردها على صاحبها أو وكيله ولم يجز دفعها إلى الحاكم لأنه لا ولاية للحاكم على حاضر فإن سافر بها في طريق مخوف أو إلى بلد مخوف أو نهاه المالك عن السفر بها ضمن لأنه مفرط أو مخالف.
الشيخ: المفرط هو الذي يترك ما وجب والمخالف من المعتدين لأنه ارتكب ما نهي عنه.
القارئ: وإن لم يكن كذلك لم يضمن لأنه نقلها إلى موضع مأمون أشبه ما لو نقلها في البلد وإن لم يرد السفر بها ولم يجد مالكها دفعها إلى الحاكم لأنه متبرع بالحفظ فلا يلزمه ذلك مع الدوام والحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته فإن دفعها إلى غيره مع قدرته عليه ضمنها لأنه كصاحبها عند غيبته وإن لم يجد حاكماً أودعها ثقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يهاجر أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن ولأنه موضع حاجة وعنه يضمن قال القاضي يعني إذا أودعها من غير حاجة فإن دفنها في الدار وأعلم بها ثقة يده على المكان فهو كإيداعها إياه وإن لم يعلم بها أحداً فقد فرط لأنه لا يأمن الموت في سفره وإن أعلم بها من لا يد له على المكان فكذلك لأنه ما أودعها وإن أعلم بها غير ثقة ضمنها لأنه عرضها للذهاب وإن حضره الموت فهو كسفره لأنه يعجز عن حفظها.