القارئ: وإن استعار شيئاً يرهنه مدة معلومة على دين معلوم صح لأنه نوع انتفاع فإن أطلق الإذن من غير تعيين صح لأن العارية لا يشترط في صحتها تعيين النفع فإن عين فخالفه فالرهن باطل لأنه رهنه بغير إذن مالكه وإن أذن له في رهنه بمائة فرهنه بأقل منها صح لأن من أذن في شيء فقد أذن في بعضه وإن رهنه بأكثر منها بطل في الكل في أحد الوجهين لأنه مخالف أشبه ما لو خالف في الجنس وفي الآخر يصح في المأذون ويبطل في الزائد كتفريق الصفقة.
الشيخ: القول الراجح أنه إذا أعاره على شيء معلوم من الدين فرهنه بأكثر فإنه يبطل ما زاد فقط لأن المخالفة حصلت في الزائد وإلا فأصل الإعارة للرهن ثابت.
القارئ: وللمعير مطالبة الراهن بفكاكه في الحال سواء أجله أو أطلق لأن العارية لا تلزم.
الشيخ: قوله رحمه الله (وللمعير مطالبة الراهن) في هذا نظر لأنه إذا أذن له أن يرهنه فإنه يتعلق به حق شخص ثالث وهو المرتهن فكيف يقال للمعير أن يطالبه بفك الرهن! بل نقول إنه لا يجوز لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقوله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمون على شروطهم).
القارئ: وإن حل الدين قبل فكاكه بيع واستوفي الدين من ثمنه لأن هذا مقتضى الرهن ويرجع المعير على المستعير بقيمته أو مثله إن كان مثليا لأن العارية مضمونة بذلك ولا يرجع بما بيع به إن كان أقل من القيمة لأن العارية مضمونة فيضمن نقص ثمنها وإن بيع بأكثر من قيمته رجع به لأن ثمن العين ملك لصحابها وقيل لا يرجع بالزيادة وإن تلف في يد المرتهن رجع المعير على المستعير ويرجع المستعير على المرتهن إن كان تعدى وإلا فلا فإن قضى المعير الدين وفك الرهن بإذن الراهن رجع عليه وإن كان بغير إذنه متبرعاً لم يرجع وإن قضاه محتسباً بالرجوع ففيه روايتان بناءً على قضاء دينه بغير إذنه.