والقول الثاني أنه يتحرى إذا كثر عدد الطاهر إعمالا للأكثر فإذا كان عنده مثلا خمسة أواني ثلاثة منها طاهرة واثنان منها نجسان وشك أيهم الطاهر وأيهم النجس فعلى الرأي الثاني أنه يتحرى وإذا غلب على ظنه أن هذا الإناء هو الطاهر توضأ منه أما على المذهب فيقولون إنه لا يتحرى حتى لو كان الطاهر عشرة والنجس واحدة والتعليل عندهم (لأنه اشتبه المباح بالمحظور فيما لا تبيحه الضرورة فلم يجز التحري) هذه قاعدة وإذا اشتبه المباح بالمحظور على وجه لا تبيحه الضرورة فإنه لا يجوز التحري لأنه ليس هناك ضرورة يتحرى أما لو اشتبه المباح بالمحظور على وجه تبيحه الضرورة فهنا يتحرى مثاله اشتبهت ميتة بمذكاة وهو الآن مضطر يريد أن يأكل وما عنده شيء يأكله فهنا نقول تحر لأن كونك تتحرى وتأكل ما يغلب على ظنك أنه حلال خير من كونك لا تتحرى وتأكل هكذا فهذا الضابط (لأنه اشتبه المباح بالمحظور فيما لا تبيحه الضرورة فلم يجز التحري مثال آخر رجل أراد أن يتزوج واشتبهت أخته بأجنبيات أخته معها نساء وهو يريد أن يتزوج واشتبه هل أخته هذه أو هذه أو هذه ماذا نقول؟ يجب التجنب لأنه اشتبه المباح بالمحظور على وجه لا تبيحه الضرورة لأن الجماع لا يباح عند الضرورة بخلاف الأكل فإنه يباح عند الضرورة إذاً هذه قاعدة مفيدة أما التعليل الأخير فهو ليس ظاهر جدا يقول المؤلف ولو أنه توضأ بأحدهما ثم تغير اجتهاده في الوضوء الثاني فتوضأ بالأول لتوضأ بما يعتقد نجاسته ومعلوم إذا تحرى وغلب على ظنه أن رقم واحد هو الطاهر وتوضأ به ثم عند الوضوء الثاني تحرى وغلب على ظنه أن النجس رقم واحد وأن الطاهر رقم اثنين فمعناه أن وضوءه الأول كان بما يعتقد أنه نجس فإذا كان يعتقد نجاسته فماذا يلزمه؟ يلزمه غسل أثر الماء الأول لأنه إذا كان يعتقد أنه نجس فقد تلوث به فيجب عليه غسل الأثر يقول المؤلف فإذا توضأ بالثاني من غير غسل أثر الأول تنجس يقينا وهذا صحيح ولو لم يغسل أثر الأول