للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية (١).

وأما حسن حنفي فيقول: فقد لا يكون البعث واقعة مادية تتحرك فيها الجبال وتموج فيها البحار وتخرج لها الأجساد، بل يكون البعث هو بعث الحزب وبعث الأمة وبعث الروح، فهو واقعة شعورية تمثل لحظة اليقظة في الحياة لحظة الموت والسكون (٢).

فالبعث في هذه الدنيا لا في دنيا أخرى مفارقة.

ولا خلود عند حسن حنفي إلا في الأرض، قال في فقرة الخلود في الأرض: والحقيقة أن أمور المعاد كلها خطأ في تفسير النصوص وتحويل للصور الفنية إلى وقائع حادثة، فأمور المعاد لا تشير إلى وقائع مادية وحوادث فعلية وعوالم موجودة بالفعل في مكان ما يعيشها الإنسان في زمان ما، بل هي بواعث سلوكية ودوافع للفعل للتأثير على السلوك، والحث على الطاعة ترغيبا تارة وترهيبا تارة أخرى (٣).

فلا وجود لعالم آخر يحاسب الناس فيه وتوزن أعمالهم حسب حسن حنفي، بل هو انعكاس لحالة العجز والظلم والقهر، فيتمنى العاجز والمظلوم والمقهور أو يتصور وجود يوم ينعم فيه ويُنتقم من ظالميه.

قال: إن أمور المعاد في نهاية الأمر ما هي إلا تعبير عن عالم بالتمني عندما يعجز الإنسان عن عيشه بالفعل في عالم يحكمه القانون ويسوده العدل. لذلك تظهر باستمرار في فترات الاضطهاد وفي لحظات العجز وحين يسود الظلم ويعم القهر كتعويض عن عالم مثالي يأخذ فيه الإنسان حقه، ويرفع الظلم عنه، أمور المعاد في أحسن الأحوال تصوير فني يقوم به الخيال تعويضا عن حرمان في الخبز أو الحرية، في القوت أو الكرامة، في الرزق أو الحق في عالم يحكمه القانون


(١) نفس المصدر (٤٣).
(٢) من العقيدة إلى الثورة (٤/ ٥٠٨).
(٣) من العقيدة إلى الثورة (٤/ ٥٩٩).

<<  <   >  >>