للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحدود الشرعية عند العفيف الأخضر تشكل اليوم جريمة موصوفة وانتهاكا استفزازيا لشريعة حقوق الإنسان العقلانية والإنسانية الكونية (١).

واستنكر العفيف الأخضر ذبح الحيوان على الطريقة الإسلامية وسخر منها محبذا طريقة أسياده ومربيه، قال عن الشريعة الإسلامية بعد أن سماها «شريعة حامورابي»: وتحرم وتجرم القتل الرحيم للحيوانات المعمول به في جميع مسالخ العالم تقريبا إلا مسالخنا حيث نذبح الحيوانات وهي تصرخ وتتبوّل من شدة الألم!. وقسوة الشريعة الإسلامية على الإنسان والحيوان عنده هي إحدى تجلّيات العنف العتيق الذي أنزله الإنسان بالإنسان وحيوان الصيد. فقد أكل الإنسان الإنسان لملايين السنين كما برهنت على ذلك الباليونتولوجيا [= علم الأحافير] (٢).

ولقد أحسن العلماني نادر قريط حيث قال معقبا على مقال العفيف الأخضر: لا أنكر صدمتي بالمقال ليس حبا بالشريعة القروسطية (٣) وقطع الأيدي والإرجل من خلاف، بل لأمر آخر، فقد كنت أنتظر من المثقف التونسي الأبرز واليساري السابق رأيا فيما حدث ويحدث في تونس .. الشريعة والسودان والترابي أشبه بطبخة بائتة تثير التقيؤ .. أما تونس فنموذج للأمل والحرية .. أستغرب أن يمتلك المرء في شبابه عاطفة يسارية نقعها حب الشعب، ثم يُلقي خريفه في صقيع العقل وبروده .. في كل قراءاتي المتأخرة للعفيف لمست تبجيله للنظام التونسي واعتباره نموذجا للعلمنة وحرية المرأة وهذا حق (يُراد به حق) لكنه كان لا يرى


(١) نفس المرجع.
(٢) الحوار المتمدن - العدد: ٣٢٥٢ - ٢٠١١/ ١ / ٢٠.
(٣) أي: القرون الوسطى. وهنا يلتقي العلمانيان لا مساهم الله بخير.

<<  <   >  >>