لكن الخطاب العلماني يقف على أرض إلحادية لا تؤمن بوجود إله ولا تعترف بدين، ويتظاهر بكونه لا مشكلة له مع الدين، وأنه يكفل حرية الاعتقاد للجميع.
وهدفنا في هذا الكتاب تعرية تلك الأقنعة وهتك تلك الأستار التي يتمترس خلفها الخطاب العلماني، وتفكيكها وطحنها وسحقها إلى الأبد.
وأغلب رموز العلمانيين يصرحون بعلمانية صارخة لادينية، كأركون وعادل ضاهر وعزيز العظمة وهاشم صالح وطيب تيزيني ونصر أبي زيد، ويرفضون التمسح بالدين بأي شكل من الأشكال، بل ينتقدون علمانيين آخرين يحاولون البحث عن جذور إسلامية للعلمانية أو الاحتجاج بالنصوص الدينية، ويعتبرون هذا تنازلا خطيرا وانبطاحا لا مبرر له. بينما يفضل آخرون الهجوم مرة والتراجع أخرى في انتظار تهيؤ الأجواء للهجوم النهائي، يمثل هذا الاتجاه حسن حنفي وخليل عبد الكريم والعشماوي وآخرون.
ولا خلاف بين الطائفتين إلا في التكتيك، وهل حان نقد الدين الإسلامي ونقضه وتجاوزه؟، أم أن الجو العام والخشية من ردود أفعال جماهيرية غاضبة ترجع على المشروع العلماني بالضعف؟ تحتم اعتبار المرحلة وظروفها وملابساتها في الحسبان.
وعموما يستحيل وجود علماني يؤمن إيمانا حقيقيا بالدين أو الغيب أو المقدسات إلا إذا لم يكن علمانيا حقيقيا أو يفهم العلمانية فهما ساذجا طفوليا.
لأن الدين يقوم على اعتبارات ميتافيزيقية وأصول غيبية، والعلمانية ما جاءت إلا لمحاربة الغيبيات باعتبارها مقومات خرافية أسطورية تنتمي إلى عصر