للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيتعرض شوقي لقول الكفار بأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد أخطأ عندما غزا وحارب، والرسل والأنبياء لم يبعثوا للقتل وسفك الدماء، ويعلق شوقي على قولهم هذا بأنه جهل وكذب وفلسفة فارغة، فإن الرسول لم يقم بالسيف ويحارب الكفار إلا بعد أن نشر الدعوة وعرضها في الرسائل الثلاثة الشهيرة (رسالة كسرى، ورسالة قيصر، ورسالة المقوقس) وعندما جاء للرسول رد هؤلاء الملوك برفض الدعوة تأكد من جهلهم فاضطر لاستخدام السيف ضد كل من يوصف بالجهل، وضد العوام من الناس، فإنهم أشرار بطبيعتهم ولا يمكن مخاطبة هؤلاء الأشرار بالموعظة الحسنة فكلما خاطبتهم وجدت فيهم ضيق أفقهم وضعف فهمهم ولا بد لك من أن تحسم هذا الموقف بالسيف، ونضرب مثلا على هذا بالمسيحية السمحاء الأولى كم حوربت على أيدي هؤلاء الجهال الظالمين فكانوا يطاردون معتنقيها بالإيذاء والقتل والحرق في كل حين ولولا أن قبض الله لها رجالا نصروها بالسيف، لما استطاعت أن تنتشر بالسماحة والرفق والرحمة ولولا أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام له مكانة عزيزة عند ربه رفعه إلى السماء دون أن يمسه اليهود أو يصلبوه على لوحي الصليب، لقد رفع الله المسيح قبل الصلب والإيذاء، وعاقب الواشي بأن جعله يصلب مكان عيسى، وأن العقاب لا بد أن يكون من جنس العمل وبقدر الذنب الذي قام به هذا الرجل (يهوذا الأسخر بوطي) في حق المسيح عليه السلام، ويستطرد شوقي في وصفه بأنه أخو النبي عليه الصلاة والسلام في النبوة ويخصه بأنه روح الله قد نزل في جسد المسيح ولكنه دون العرش.

ويقول:

علمتهم كل شيء يجهلون به ... حتى القتال وما فيه من الذمم

«١»

دعوتهم لجهاد فيه سؤددهم ... والحرب اس نظام الكون والأمم


(١) الذمم: جمع ذمة وهي العهد والأمان والحق.

<<  <   >  >>