للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيذكرنا بموقف عمر بن الخطاب عند وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عندما أذهلته المفاجأة فلم يصدق وقتها أن يموت الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وهو صاحب الرسالة ويؤدي الأمانة عن الله سبحانه وتعالى فيتصور عمر بن الخطاب أن الرسول كائن اخر غير البشر وأنه مدعوم من الذات الإلهية وأنه لن يموت حتى وقف له صاحبه وصديق الرسول وصديقه أبو بكر الصديق يتصدى لغلو صديقه عمر بن الخطاب بقولته الشهيرة:

«من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت» ..

فيفيق عمر بن الخطاب، وهنا يتدخل شوقي ملتمسا العذر لهذا الرجل الذي أحب الله ورسوله حبا ملك عليه عقله فاهتز عندما سمع نبأ موت الرسول صلّى الله عليه وسلّم وظل كذلك حتى أعاده إلى رشده سماع مقولة أول الخلفاء الراشدين أبي بكر بن أبي قحافة رضوان الله عليه.

يا رب صل وسلم ما أردت على ... نزيل عرشك خير الرسل كلهم

محيى الليالي صلاة لا يقطعها ... إلا بدمع من الاشفاق منسجم

مسبحا لك جنح الليل محتملا ... ضرا من السهل أو ضرا من الورم

رضية نفسه لا تشتكي سأما ... وما مع الحب ان اخلصت من سأم

وصل ربي على ال له نخب ... جعلت فيهم لواء البيت والحرم «١»

بيض الوجوه ووجه الدهر ذو حلك ... شم الأنوف وأنف الحادثات حمى «٢»

وهنا يصل شوقي في قصيدته (نهج البردة) إلى النهاية بالصلاة والسلام على رسول صلّى الله عليه وسلّم فيسأل الله أن يصلي ويسلم على رسوله خير البشر وخير الرسل واخر الأنبياء والمرسلين والذي استدعاه سبحانه وتعالى في رحلتي الاسراء والمعراج إلى


(١) للنخب: جمع نخبه وهو الرجل المختار.
(٢) الحلك: (محركة) شدة السواد، والشمم في الأنف: ارتفاع القصبة وحسنها وهو هنا كناية عن الحمية وشرف النفس، وأنف الحادثات حمى: كناية عن اشتداد الخطب واستفحال الأمر.

<<  <   >  >>