ويزيل انقباضها، فقد أنزله الله ليوقظ به القلوب من غفلتها ويعيد الثقة للنفوس التي ضاعت وباعت نفسها للشيطان وعبادة الأصنام فيبعث فيها الطمأنينة والثقة، وينزع منها الضعف البشري، فالقران يحمي القلوب ويحيي ميت الهمم بل ويحيي كافة الأجيال القادمة ان هم تمسكوا بما جاء به من أحكام ونواه وحدود وينتقل شوقي متتبعا مراحل السيرة النبوية بما له من علم بكتب السيرة وروايات الصحابة والتابعين وتابعيهم واقتداء بإمامة الإمام البوصيري في تلمس أحداث السيرة النبوية من خلال بردته العصماء فيقول بأسلوب فيه بساطة التراكيب لدرجة معها اقترب الشعر من النثر بجمله المباشرة ولكنها في نفس الوقت ذات موسيقى خارجية لها رنين قوي وجرس خفيف إذ يقول:
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكة ... والرسل في مسجد الأقصى على قدم
ثم يتحدث عن وصول الرسول المعجز والمعجزة وكيف استقبله هؤلاء الأنبياء وهؤلاء الملائكة فيقول بنفس الأسلوب: لما خطرت به التفوا بسيدهم ثم (صل وراءك..) وبهذا الحديث ينهي رحلة الإسراء من أرض مكة إلى المسجد الأقصى بالقدس ثم يعرج بنا شوقي إلى السماء حيث عرج جبريل عليه السلام بالرسول فينتقل شوقي من بساطته التي تكاد تبلغ حد النثر إلى تراكيب شعرية وأخيلة غاية في الجدة والغرابة إذ يقول: (جبت السموات.. على منورة درية اللجم) .. ثم يعود فيقر بأن هذا ليس معجزة عادية، وإنما هي بمشيئة الله وقدرته، فهو الذي يستطيع واحده أن يرفع إليه رسوله الحبيب كما رفع من قبله المسيح عيسى بن مريم، بل ويفضل محمدا عليه الصلاة والسلام على كافة الأنبياء والرسل ولا يكفيه أن يرفعه فقط، وانما يقدمه على سائر الأنبياء بل يضعه على عرش النبوة فلا أحد يفوق محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، فقد وهب كل شيء بصعوده إلى السماء السابعة وقد حاز بهذا الصعود الدين والدنيا، وها هو شوقي ينتقل من معجزة الإسراء والمعراج إلى معجزة أخرى وهي كيف أحاط الرسول عليه الصلاة والسلام وهو الأنسي الذي لم يتعلم بكل هذه المنن التي قلده الله بها بلا عد ولا حصر، فقد أعطاه الله القدرة على التنبؤ بما سيحدث بأمر الله