ليؤكد الإمام البصيري أن كل الناس يقفون أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرتبة أقل من مرتبة الند والشريك، يطلبون من الرسول الكريم (صلّى الله عليه وسلّم) جزا من علمه أو قبسا من حكمته لعلمهم أنه هو الذي خلقه الله في تمام المعنى والفعل والشكل والجسم وهو الذي قد اختاره خالق الخلق حبيبا له، وأن حسنه اكتسب من اختيار الله سبحانه وتعالى حسنا فوق حسن البشر لأن أساس الحسن في الرسول الكريم (صلّى الله عليه وسلّم) هبة ربانية، ويذكر أن ما ادعته النصاري في سيدنا عيسى عليه السلام من الوهية هي دعوة كاذبة لا يقبلها ذو الفطرة السليمة ولا يرضاها الإسلام، وإذا تركنا هذه الدعوة الباطلة فإننا نستطيع كمسلمين أن نحكم بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد منحه الله الحسن عقلا والحسن معنى والحسن صورة وجسما.
ويقول:
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له ... حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظاما ... احيا اسمه حين يدعى دارس الرمم «١»
وهنا يوجه الشاعر خطابه إلى كل مسلم فيقول: قل عن الرسول ما شئت وانسب إليه ما استطعت أن تنسب من الشرف والفخار والحلم والعلم والشجاعة والكرم والأمانة ولكل هذه الصفات العظيمة والأخلاق الحميدة لا يصل إلى مكانته أحد، وإن قدر الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) غاية العظمة، فهو عربي من نسل سيدنا إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام، فجمع الشرف والنسب، وأنه لعظمة مكانته لو ذكر اسمه لأحيا ذكره الجثث الها مدة وقامت من سباتها وكأنها دعيت إلى الحياة يوم القيامة.
(١) الدارس: البالي، الرمم: جمع رمة وهي أجساد الموتى.