للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله إلى البشر ومن امن به وبالكتاب نجا وظفر ومن لم يؤمن كبا وكفر وخسر.

ويقول:

لها معان كموج البحر في مدد ... وفوق جوهره في الحسن والقيم «١»

فما تعد ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسأم «٢»

قرت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم «٣»

ان تتلها خيفة من حرنا ولظى ... اطفأت نار لظى من وردها الشبم «٤»

كأنها الحوض تبيض الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤه كالحمم «٥»

فيوضح الإمام البوصيري أن معاني هذا القران كالبحر الواسع الذي لا تستطيع إدراكه حيث أن هذا القران كثير العطاء لا ينتهي مدده، وأن هذه الايات بها من العجائب والحكم والمواعظ ما لا يخضع لعد أو حصر ولا يسأم المؤمن من كثرة تلاوتها، فالمؤمن الذي يقرأ هذه الايات يجد المتعة النفسية في ظلالها والقران الكريم نور الله في أرضه ومن أعتاد تلاوته وقراءته شعر بالصفاء النفسي والوجداني، وهذه هي قمة السعادة الروحية التي يحرص المؤمن على التمسك بها لأن تلاوة القران تقي المؤمن نار جهنم، ويؤكد الإمام البوصيري أن الإنسان العاصي مهما عمل من ذنوب وتمسك بعد ذلك بالقران وتلاوته وبحفظه وتفسيره وتطهر به وسار عليه فإنه يتطهر من هذه الذنوب وينير قلبه ووجهه.

ويقول الشاعر الإمام:

وكالصراط وكالميزان معدله ... فالقسط من غيرها في الناس لم يقم «٦»

لا تعجبن لحسود راح ينكرها ... تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم «٧»


(١) المدد: من البحر أو الموج، ارتفاعه وامتداده إلى البر.
(٢) لا تسام بالسام: يعني لا تقابل بالمل إذا اكتثرت تلاوتها أي يوليها السامع الضجر والملل.
(٣) قرت: برزت سرورا وانقطع بكاؤها، حبل الله: كتابه الذي فيه دينه، فاعتصم: فاحتم به.
(٤) لظى: اسم لجهنم، البم: البارد.
(٥) الحمم: جمع حمة وهي الفحم وكل ما احترق من النار.
(٦) معدله: استواء واستقامة.
(٧) الحاذق: الماهر العارف.

<<  <   >  >>