للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم

أن ايات القران الكريم وهو دستور سماوي يحقق العدل في الدنيا، ومن لم يحكم به فلا يعدل أبدا، فالعدل من غير القران لا يقوم، وإن هذا القران الكريم مهما أنكره الجاهلون فهم يؤمنون بصدق وحق بما جاء به في قرارة نفوسهم، ولكن مصالحهم الدنيوية تجعلهم يحقدون على هذه الايات وينكرون حقيقتها، ولكن لا مجال للإنكار، فلا أحد يستطيع إنكار حقيقة القران ومعجزاته وآياته حتى الأعمى الذي لا يرى الأشياء المحسوسة فإنه يرى نور هذه الايات، وترشده عن طريق العقل والقلب، ومن لم يرها فهو ليس بأعمى، ولكنه جاحد لحقيقة هذه المعجزة الإلهية. ويقول مخاطبا رسول الله مادحا:

يا خير من يمم العافون ساحته ... سعيا وفوق متون الأنيق الرسم «١»

ومن هو الاية الكبرى لمعتبر ... ومن هو النعمة العظمى لمغتنم «٢»

سريت من حرم ليلا إلى حرم ... كما سرى الدر في داج من الظلم «٣»

وبت ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب توسين لم تدرك ولم ترم

وقدمتك جميع الأنبياء بها ... والرسل تقديم مخدوم على خدم

وأنت تخترق السبع الطباق بهم ... في موكب كنت فيه صاحب العلم «٤»

حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق ... من الدنو ولا مرقى لمنتسم «٥»

خفضت كل مقام بالإضافة إذ ... نوديت بالرفع مثل المفرد العلم


(١) يمم: قصد، العافون: طلاب الفضل والرزق، ساحته: ناحيته، متون: جمع متن وهو الظهر، الأنيق: جمع ناقة وفي هذا الجمع قلب مكاني إذا أصلها أنيق فلما حدث فيها القلب صارت الأنيق، الرسم بضم الراء مشدودة والسين: جمع رسوم بفتح الراء وهي التي تؤثر إخفاقا في الأرض من شدة الوطء أو أن الرسم التي ترسم أي تعملها.
(٢) لم ترم: لم يرمها أحد لعزتها عليه، وقاب قوسين: أي مقدار القوس أي مسافة البعد بين طرفيه.
(٣) سريت: سرت ليلا، الحرم: المكان الذي لا يحل انتهاكه، والحرمات في البيت هما الحرم المكي وحرم المسجد الأقصى.
(٤) الطباق: المطابقة.
(٥) شأوا: غاية، المستبق: المسابق المباري، مرقى: مصدر ميمى بمعنى الرقي مكانا للرقي.

<<  <   >  >>