الأعداء على حكام وطنه ولا على أبناء شعبه، ويلتفت شوقي إلى وطنه ويزجى إليه كل ما في نفسه من الحب والود فيقول: -
يا وطني لقيتك بعد يأس ... كأني قد لقيت بك الشبابا
وكل مسافر سيؤوب يوما ... إذا رزق السلامة والإيابا
أدير إليك قبل البيت وجهي ... إذا فهت الشهادة والمثابا
ولا ينسى في فيض العاطفة الجياشة أن يذكر شباب مصر وقد خفوا لاستقباله ذلك الاستقبال الرائع، تقديرا له فيقول: -
وحيا الله فتيانا سماحا ... كسوا عطف من فخر ثيابا
ملائكة إذا أحبّوك يوما ... أحبك كل من تلقى وهابا
وإن حملتك أيديهم بحورا ... بلغت على أكفهم السحابا
وعاد شوقي إلى وطنه فوجد أرضه مخضبة بدماء الشهداء وكل شيء فيه يتحول ويتغير، فظل ملتصقا بالشعب يعيش حياته الجديدة.
فجعل بيته منتدى الأدباء والشعراء وكبار رجال عصره وقد زاره عام (١٩٢٦) (طاغور) شاعر الهند الكبير.
وفي عام ١٩٢٧ اختير عضوا في مجلس الشيوخ المصري وانتهز محبوه وأصدقاؤه المناسبة فأقاموا حفل تكريم استحال إلى مهرجان قومي عربي عظيم اشتركت فيها وفود الدول العربية وقد أعلن فيه تتويج أحمد شوقي أميرا للشعر العربي وأعلن حافظ إبراهيم باسمه وباسم شعراء العرب مبايعتهم له بإمارة الشعر في قصيدته الشهيرة التي يقول فيها:
بلابل وادي النيل بالمشرق أسجعى ... بشعر أمير الدولتين ورجّعى
أعيدي على الاسماع ما غردت به ... براعة شوقي في ابتداء ومطلع
إلى أن يقول: -
أمير القوافي قد اتيت مبايعا ... وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
لقد حقق شوقي مجدا أدبيا بصلاته بالشعوب العربية يشاركها أفراحها واتراحها وأصبح أمل الشباب فيها، وصار شعره يردد في كل مكان، وظل متربعا