للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أستقبحه الشرع وإن شاركهم في الظاهر، فهذا مسلم له ما لنا وعليه ما علينا، ولكنه إذا واظب على هذه العادات الأجنبية الكافرة فالغالب أنه مع الزمان يموت في قلبه ذلك الإحساس بالإثم ثم يقع في استحسان هدى الكفار واستقباح هدى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وأخبرني بربك عن قوم يتزينون بحلق لحاهم ويستحي أحدهم أن يظهر في المحافل والجمع والأعياد وقد طالت لحيته شيئا يسيرا، ثم يهنىء بعضهم بعضا بهذه المعصية قائلا نعيما.

ومنهم من يصف إعفاء اللحية بانه قذارة، كبرت كلمة تخرج من أفواههم ...

كم شخصا منهم حينما يمر الموسى على لحيته يقول: أعوذ بالله من هذا العمل، لعل الله يتوب علي منه؟ لا شك أن هذا الشعور قد مات مع الزمن، ولا يشفع لهم فتاوى تصدر من بعض المنتسبين إلى العلم تبيح لهم هذه المعصية، يسمونها لهم بغير اسمها، ويقولون هي سنن عادة لا عبادة، كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "عشر من الفطرة". ويذكر فيها "إعفاء اللحى"، ويقول ربنا تبارك وتعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (١).

ترى هل يحس هؤلاء بصدى قوله صلى الله عليه وسلم: "خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم"، كيف يتذوقون هذا وقد أشربت قلوبهم حب هدى الكفار وتعظيمهم واستحسان جميع أحوالهم والنظر إليهم على أنهم القدوة والمثل الأعلى، فقلدوهم في كل شيء حتى أصبحوا يجهلون من دينهم كل شيء، وتدرجوا في الإنسلاخ من الإسلام شيئا فشيئا فلم يبق لهم إلا


(١) الروم: ٣٠.

<<  <   >  >>