للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيهات

الأول: مخالفة الكفار إنما تجب فيما ابتدعوه، وكان خاصا بهم لا فيما يشترك فيه الناس كلهم مما هو من لوازم الحياة، كأكل الخبز والنوم والاستضاءة بالكهرباء، إلخ ...

الثاني: المذموم من التشبه بالكفار هو ما يخالف الكتاب والسنة، أو ما يكون سببا في اندثار الدين ودروس شرائعه وفساد أهله، أما ما لم يكن كذلك كالأنظمة الإدارية والمشاريع التي تعود بالخير على المسلمين والمنجزات العلمية التي تقوي شوكة المسلمين أو تيسر المعايش فليس بمذموم، بل قد يستحب أو يجب حسب المقاصد التي تؤدي إليها هذه الوسائل فإن الذرائع لها أحكام الغايات وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (١)،

وقد ورد (٢) أن النبي صلى الله عليه وسلم "تحصن من الأحزاب في الخندق حينما أخبره سلمان الفارسي رضي الله عنه أن الفرس يتحصنون به،

وورد (٣) أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليكون ترجمانا له صلى الله عليه وسلم، وقد هم صلى الله عليه وسلم بأن يمنع وطء النساء المراضع خوفا على أولادهن، لأن العرب كانوا يظنون أن الغيلة (وهي وطء المرضع) تضعف ولدها وتضره، فأخبرته صلى الله عليه وسلم فارس والروم بأنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم، فأخذ صلى الله عليه وسلم منهم تلك الخطة الطيبة، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها من الكفار، وقد انتفع صلى الله عليه وسلم بدلالة ابن الأريقط الدؤلي له في سفر الهجرة على الطريق مع أنه كافر،

وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَالنَّجَاشِيِّ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ، «فَصَاغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا حَلْقَتُهُ فِضَّةً، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ» (٤).


(١) الأنفال: ٦٠.
(٢) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (ذكره أصحاب المغازي منهم أبو مشعر) فتح الباري (٧/ ٣٩٣).
(٣) أخرجه أبو يعلى وابن عساكر وأنظر "حياة الصحابة" (٣/ ١٤٢ - ١٤٣).
(٤) رواه مسلم.

<<  <   >  >>