للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، ويتأكد ذلك إذا كان في مركز قيادي ديني (١)، وعلى هذا إذا كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله (٢) إن تيسر ذلك، ولم تحدث فتنة، وإلا وجبت الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك زجرا له وانكارا


(١) لأن الإمامة من الأمانة، ومرتكب معصية حلق اللحية المجاهر بها المصر عليها يدخل حتى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وقد أطلق عليه بعض العلماء صفة الفسق لخروجه عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا سيما إذا كان لا يبالي بهذه المعصية، بل ويستصوبها ويستحسنها، ومن لا يتأدب بآداب الشريعة ولا يهتم لأمر دينه كيف يؤتمن على أعظم شعائر الدين؟ وفي تقديمه للإمامة تعظيم له وليس هو من أهل التعظيم، وتقديمه يحمل الناس على الاستهانة بالمعصية والمقصود أن الأولى بالإمامة- مع الشروط المنصوص عليها في السنة- الخيار المتصفون بالهيئة الشرعية ظاهرا، والإمام المصر على هذه المعصية أحرى به أن يتنحى لمن هو أقوم بحدود الشريعة كيلا يقع تحت قوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً، مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" الحديث رواه أبو داود.
والاعتبار بالكراهة الدينية الناشئة عن مذموم شرعي قام بالإمام.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ" وذكر منهم "وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" أخرجه الترمذي.
(٢) ولعل دليله ما رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري عن السائب بن خلاد: "قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا، فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ: «لَا يُصَلِّي لَكُمْ»، فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «نَعَمْ»، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». أنظر عون المعبود (٢/ ١٤٩ - ١٥٠)

<<  <   >  >>