قال العلماء: والأصل عدم اشتراط العدالة، وأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، وقد تأيد ذلك بفعل الصحابة رضي الله عنهم فقد أخرج البخاري في التاريخ عن عبد الكريم أنه قال: أدركت عشرة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون خلف أئمة الجور، ومما يدل على ذلك أيضا حديث مسلم وفيه إذن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة خلف من يؤخرون الصلاة نافلة بعد أن يصليها لوقتها، لأنهم يؤخرونها عن وقتها، وظاهرة أنهم لو صلوها في وقتها لكان مأمورا بصلاتهم خلفهم فريضة والله أعلم. وقال لشوكاني رحمه الله تعالى: واعلم أن محل النزاع إنما هو في صحة الجماعة خلف من لا عدالة له. وأما أنها مكروهة فلا خلاف في ذلك منا في البحر، وقد أخرج الحاكم في ترجمة مرثد الغنوي عنه صلى الله عليه وسلم «إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ، فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» اهـ. من نيل الأوطار (٣/ ١٨٦ - ١٨٧). وهذا الحديث علق عليه الزيلعي في نصب الراية قائلا: رواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل (٣/ ٢٢٢) عن يحيى بن يعلى به سندا ومتنا إلا أنه قال: "فليؤمكم خياركم" وسكت عنه، وروى الدارقطني ثم البيهقي في سننهما بسندهما إلى ابْنِ عُمَرَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ , فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» اهـ. قال البيهقي: إسناده ضعيف اهـ (٢/ ٢٦).