الراشدين والصحابة حجرته صلى الله عليه وسلم خارجة عن المسجد ولم يكن بينهم وبينه إلا الجدار، ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان من آخرهم موتاً جابر بن عبد الله وهو توفي في خلافة عبد الملك قبل خلافة الوليد فإنه توفى سنة بضع وسبعين، والوليد تولى سنة بضع وثمانين وتوفى سنة بضع وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك، وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبه النميري في كتاب أخبار المدينة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياخه وعمن حدثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هجرية هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه، وقوله في الحديث (إلا رد الله علي روحي حتى أراد عليه السلام) يقتضي رد الروح بعد السلام ولا يقتضي استمرارها في الجسد وليعلم أن رد الروح بعد للبدن هو عودها إلى الجسد بعد الموت لا يقتضي فيه ولا يستلزم حياة أخرى قبل يوم النشر نظير الحياة المعهودة، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة برزخية لا تزيل عن الميت اسم الموت، وقد ثبت في حديث البراء بن عازب الطويل المشهور في عذاب القبر ونعيمه وفي بيان الميت وحاله أن روحه تعاد إلى جسده مع العلم بأنها غير مستمرة فيه؛ وأن هذه الإعادة
ليست مستلزمة لإثبات حياة مزيلة لاسم الموت، بل هي نوع حياة برزخية والحياة جنس تحتها أنواع وكذلك الموت، فإثبات بعض أنواع الموت لا ينافي الحياة كما في الحديث الصحيح أنه كان إذا استيقظ من النوم قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، وفي الجملة رد الروح على الميت في البرزخ ورد السلام