للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مناقشة النظام النحوي إن شاء الله, ومع أن هذا النوع الثالث من المباني لا يساق لبيان معنى صرفي وإنما يساق لبيان علامة نحوية يعتبر في جملته خارجًا عن نظام الصرف, ولكنه هدية الصرف إلى نظام النحو؛ إذ أن النحو نظام من المعاني والعلاقات التي لا تجد تعبيرًا شكليًّا عنها إلّا فيما يقدمه الصرف لها من المباني والقرائن اللفظية.

عند هذا الحد أكون قد وضَّحت الأقسام الثلاثة التي تنقسم إليها المباني, فوصلت إلى نقطة يحسن فيها أن أعد بذاكرة القارئ إلى ما سبق من إيضاح الصلة بين المعنى والمبنى والعلامة, وحين قال ابن مالك:

فعل قياس مصدر المعدى

من ذي ثلاثة كرد ردّا

عرض علينا المقابلة الآتية بين المفاهيم الثلاثة:

المعنى المبنى العلامة

مصدر الثلاثي المتعدي فَعْل ردّ

وحين قال:

نونًا تلي الإعراب أو تنوينًا

مما تضيف احذف كطور سينا

عرض المقابلة على النحو التالي:

المعنى المبنى العلامة

الإضافة حذف التنوين طور سينا

والمبنى في المثال السابق من النوع الأول, وفي المثال الأخير من النوع الثالث, على أن هذا المبنى في المثال الأخير واحدة من قرائن لفظية متعددة يتَّضح بها معنى الإضافة, منها الرتبة المحفوظة بين المضاف والمضاف إليه, ومنها العلامة الإعرابية التي في آخر المضاف إليه, ومنها أن طرفي الإضافة اسمان وهلم جرا، وكل هذه القرائن مبانٍ مما سبق شرحه, وحيث وضعنا المباني بإزاء ما تعبِّر عنه من المعاني وما تحقق به من العلامات, كان علمنا أن ندرك أن المبنى ما دام لا يرد في النطق ولا يجري به القلم في الكتابة؛ لأن النطق والكتابة مجال العلامة فلا بُدَّ أن يكون المبنى جزءًا من النظام, وإن القواعد كلها ليست

<<  <   >  >>