أكثر من تفصيل قصة الصلة بين المعاني والمباني, وأن القواعد لا تستخدم العلامات إلّا في الأمثلة والشواهد حيث تكون مسبوقة بكاف التشبيه. فوضوح المقصود بالمبنى يتوقف إذًا على إدراك الفرق بين المبنى وبين العلامة, فنون التوكيد على إطلاقها مبنى, ولكن هذه التي في قولنا "لنقومن" علامة, أي: إنها على عمومها مبنى وعلى خصوصها علامة, وهذا هو الفرق بين كل مبنى وكل علامة, كالذي سبق في فهم صيغة "فَعْل" في عمومها, وكلمة "ردّ" في خصوصها, وكذلك حذف التنوين في عمومه وحذفه في طور سينا على الخصوص وهلم جرا. ولهذا السبب كان المبنى بإفادته العموم جزءًا من النظام, أي: من اللغة, وكانت العلامة بخصوصها جزءًا من الكلام, ولهذا السبب أيضًا كانت الصلة في داخل النظام بين المعنى والمبنى صلة لا تنفك من حيث إن المعاني بحاجة إلى المباني, سواء أكانت دلالة المبنى على المعنى وجودية بالذكر, أم عدمية بالحذف أو الاستتار. وسنحاول فيما يلي أن نلقي ضوءًا على طبيعة الأنواع الثلاثة من المباني كلًّا على حدة, فنتكلم من النوع الأول عن الصيغة ودورها في الصرف, ومن النوع الثاني عن اللواصق, ومن النوع الثالث عن الزوائد.