فهل يمكن بعد هذا أن ننظر إلى المبنى هنا "في كل ما أوردناه من المباني ذات المعاني" على أن الصيغة بأكملها "الأصول والزوائد", فيكون المبنى فرعًا على مباني التقسيم كما ذكرنا, أو أن نعتبر الأصول الثلاثة "فاء الكلمة وعينها ولامها" لا دخل لها في اختلاف المعنى "لاتفق وجودها في جميع المباني", وبذا يكون المعنى للزوائد من دونها, ومن ثَمَّ يكون هذا المبنى فرعًا على مباني التصريف أو العلاقات؟ إن كلا الاعتبارين ممكن, وإن الصرفيين قد آثروا أن ينسبوا المعاني مرة إلّا الصيغ ومرة أخرى إلى ما سموه "حروف الزيادة", وصار من الممكن لهم في الحالتين أن يعبِّروا عن حقائق المباني الصرفية دون قصور. أما نحن فلاعتبارات عملية تفضل أن ننسب الطلب أو الصيرورة إلى الاستعمال كله لا إلى السين والتاء والمطاوعة إلى الانفعال كله لا إلى النون النساكنة, وبذلك نكون قد وصلنا إلى قرار بشأن المبنى الدال على كل واحد من هذه المعاني الصرفية, فاعتبرنا مبنى الصيغة فرعًا على مباني التقسيم: وهي الاسم "وتحته صيغ", والصفة "وتحتها صيغ", والفعل "وتحته صيغ أيضًا".
عند هذا الحد نودّ أن نفرق بين أمرين أرى أن التفريق بينهما هامّ للغاية, لقد عرفنا الآن أن الصيغة جزء من التحليل الصرفي, وأنها باعتبارها مبنى صرفيًّا لا بُدَّ من النظر إليها على أنها تلخيص شكلي لجمهرة من العلامات لا حصر لها ترد على ألسنة المتكلمين باللغة الفصحى كل يوم, بل في كل ثانية من دقيقة من ساعة من يوم, والناس ينطقون العلامات ولا ينطقون هذه التلخيصات الشكلية, والعلامات التي ترد في النطق قد تخضعها ظروف القواعد التي تحكم تأليف الأصوات وتجاورها في اللفظ لمغايرة بنية الصيغة, ظروف القواعد التي تحكم تأليف الأصوات وتجاورها في اللفظ لمغايرة بنية الصيغة مغايرة ترجع إلى ظواهر الإعلال أو الإبدال أو النقل أو الحذف, وهي من "الظواهر الموقعية" التي سنتكلم عنها تحت عنوانها المذكور, وعندما تخضع العلامة لمغايرة بنية الصيغة لا يكون بينهما التوازي المتوقع من حيث عدد الحروف ونسق الحركات, فلو أردنا والحالة هذه أن نقابل أصواتها الصحيحة بحروف صحيحة وأصوات حركاتها وعللها بحركات وعلل لوصلنا إلى تصوير هيكل الكلمة تصويرًا قد يختلف عن مبنى الصيغة. مثال ذلك: إن صيغة الأمر من باب ضرب "فَعَلَ يَفْعِلُ" هي "افعِل", ولكننا إذا أخذنا الفعل "وقى" وهو من