أفعال هذا الباب, وأردنا أن نصوغ فعل الأمر منه على مثال "افعل", لوجدنا هذا الفعل يئول إلى "ق", فإذا أردنا أن نقابل الحرف الوحيد الموجود من هذا الفعل بنظيره في الصيغة لوجدنا أن ما يقف بإزائه من حروف الصيغة هو العين المكسورة "عِ", فإذا سألنا أنفسنا من أيّ الصيغ هذا الفعل "قِ" لقلنا دون تردد: إن صيغته هي صيغة "أَفْعِلْ", فإذا سألنا: فما بال هذه العين المكسورة تقف عنَّا بإزاء الفعل في صورته النهائية, فإن الجواب هو أنَّ هذه العين المكسورة تمثل "الميزان" ولا تمثل "الصيغة".
فالتفريق بين الصيغة وهي "مبنى صرفي" وبين الميزان وهو "مبنى صوتي" تفريق هام جدًّا له من الأهمية ما يكون منها للتفريق بين علمي الصرف والأصوات, وقد يتفق هيكل الصيغة في صورته مع هيكل الميزان, فالفعل "ضرب" صيغته "فَعَل" وميزانه "فَعل" أيضًا, ولكنهما قد يختلفان كما رأينا في فعل الأمر "ق", على أن الصرفيين علقوا أمر اختلاف الصيغة والميزان على النقل والحذف, فأبانوا ما يرد من ذلك في الميزان مع التذكير دائمًا بأن الصيغة تحكي قصة أخرى, أما مع الإعلال والإبدال فإن علماء الصرف لم يحفلوا بالفروق بين شكل الصيغة وشكل المثال؛ بحيث إنهم زعموا في "قال" وهو ينتمي إلى صيغة فَعَلَ أنه على وزن "فَعَلَ" أيضًا, وليس على وزن "فَالَ", وما إصرار علماء الصرف هنا على وحدة الصيغة والميزان بمجد فتيلًا بالنسبة للأغراض العملية للتحليل الصرفي, بل من الأجدى أن نلقي على عاتق الصيغة بيان المبنى الصرفي الذي ينتمي إليه المثال, وأن ننوط بالميزان أمر بيان الصورة الصوتية النهائية التي آل إليها المثال, ولو اتحد هذا وذاك لغاب من تحليلنا أحد هذين الأمرين الهامَّين, ومن هنا اقترح أن التحليل الصرفي كما راعى النقل والحذف في الميزان ينبغي له أن يراعي الإعلال والإبدال أيضًا على النحو الآتي: