للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمد أو مقابلة الإفراد بالتشديد, أو مقابلة التجرد بالزيادة, وهلم جرّا. فالفرق بين "فَعَلَ" وفَاعَلَ" يأتي عن قيمة خلافية تعود إلى الكمية هي مقابلة فتحه الفاء في فعل بالألف بعد الفاء في "فاعل", ومثل ذلك يقال عن الفرق بين "فعل" وبين "فعل"؛ حيث تكون المقابلة بين الإفراد والتشديد, وبين "فعل" و"فعيل" المقابلة في الكمية, أما بين "فَعَلَ" و"اسْتَفْعَل" فالمقابلة بين التجرد والزيادة. وهذه المقابلات "أو القيم الخلافية بحسب اصطلاحنا" هي مناط أمن اللبس؛ إذ بدونها تتشابه الصيغ ويصبح التفريق بين المتشابهات أمرًا غاية في الصعوبة كالذي يحدث في النصوص التي تساق للإلغاز. وبدون هذه القيم الخلافية لا يمكن أن يقوم تحليل لغوي ولا تقسيم ولا تبويب ولا نشاط في البحث في اللغة من أيّ نوع, ذلك بأن التقسيم والتبويب ينبنيان على أساس إدراك جهات الشركة بين المفردات, ووضع كل طائفة منها تشترك في خصائص معينة, وتختلف في خصائص أخرى عن غيرها من الطوائف في قسم بعينه أو باب بعينه. فإذا كانت القيم الخلافية مناط التقسيم والتبويب, وكان التقسيم والتبويب مظهر النشاط العلمي, فإن استخدام القيم الخلافية يكون مناط النشاط العلمي ومظهره.

ولكن قد يحدث أحيانًا أن تتشابه صيغتان في النظام مع اختلاف معناهما, فحين لا نجد اختلافًَا بينهما نلجأ إلى القرائن نستبين بها معنى كلٍّ منهما. انظر مثلًا إلى الأمثلة الآتية:

١- صيغة فاعِلْ: عند النظر إلى هذه الصيغة باعتبارها مبنى غير منطوق وغير موضوع في سياق متصل بالطبع؛ لأن السياق لا يتكوّن من صيغ سنرى أنها صالحة لمعنيين:

أ- اسم الفاعل من فَعَلَ.

ب- الأمر من فَاعَلَ.

بل إننا لو نظرنا إلى الكلمة المفردة "قاتلْ" ساكنة الآخر بالوقف, فسنجدها لا تزال "وهي كلمة لا صيغة" صالحة للمعنيين جميعًا, وإذا كان الأمر كذلك فلا بُدَّ أن نبحث عن القرائن التي تحدد استعمال الكلمة بأحد المعنيين دون الآخر, وهذه القرائن يمكن العثور عليها في مظانّ مختلفة منها

<<  <   >  >>