مثل لغة الرياضة والجبر منها بصفة خاصة, ولغة الاسبرانتو التي يراد بها أن تكون عالمية وأن تقضي على الحواجز اللغوية بين الإنسان والإنسان على مستوى العالم كله, ولكن الاسبرانتو لا تزال لغة خاصة، وكذلك اللغات المهنية والسرية أيضًا, وأشهر لغات العرف الخاصّ في عالمنا المعاصر هي لغة المصطلحات العلمية, وهي تتراوح بين الرمز الجبري مجهول المعنى, فلا يوصل إلى معناه إلّا بنيجة المعادلة, وبين المصطلح العلمي المحوّل عن معناه العرفي العام "لغة" إلى المعنى العرفي الخاص "اصطلاحًا". ولغة العلم من صنع العلماء, وفي كل لغة حية من لغات العالم يصطلح العلماء كل يوم على الجديد من الكلمات والمصطلحات, ويتفنَّنون في عملية الإلصاق لعناصر من لغة إلى عناصر من لغة أخرى قديمة أو حديثة حية أو ميتة.
واللغة العربية في حاجة ماسة إلى أن تَثْرَى في حقل المصطلحات العلمية والفنية والحضارية, ولكن اللغة العربية بطبعها وذوقها وطرق صياغتها تأبى عملية الإلصاق على الطريقة الغربية, وتلجأ إلى طريقة أخرى هي طريقة الاستعانة بالصيغ الصرفية ذات المعاني كما سبق أن شرحنا. ولكن الصيغ الصرفية كما رأينا منذ قليل محدودة العدد، والمعاني الصرفية العربية من مطاوعة إلى تعدية إلى طلب محدودة العدد أيضًا، والنشاط العلمي يشمل من مقولات التحول من قبل, لا بُدَّ إذًا من أن نبحث عن وسيلة جديدة لإثراء اللغة غير طريقة خلق المفردات على مثال الصيغ المتاحة؛ لأن هذه المفردات الاصطلاحية ستصل إلى حد من الكثرة "وقد وصلت الآن إلى هذا الحد تقريبًا", يجعل الإضافة إليها أمرًا عسيرًا, فليجأ العلماء عند إحساسهم بعسر هذا الأمر إلى التقريب الذي يتنافى في ظروف كثيرة مع ذوق اللغة العربية لأسباب كثيرة منها ما ذكرناه من أن المصطلحات الأجنبية يتمّ معظمها بواسطة إلصاق العناصر المختلفة بعضها ببعض, والإلصاق في التسمية لا يتناسب مع ذوق اللغة العربية. فما الحل إذًا؟ أعتقد أنني سأحتاج إلى الكثير من شجاعة الرأي لتحديد معالم هذا الحل.