وبسبب هذه القرائن نسارع إلى القول بأن "عمرًا" مفعول به.
ولا شكَّ أن أصعب هذه القرائن من حيث إمكان الكشف عنها هي قرينة التعليق لأنها:
١- قرينة معنوية خالصة تحتاج إلى تأمُّل في بعض الأحيان.
٢- إن التأمل فيها يقود في الأغلب الأعمِّ من الحالات إلى متاهات الأفكار الظنية التي لا تتصل اتصالًا مباشرًا بالتفكير النحوي, ونخرج لهذا السبب عن طبيعة الالتزام بحدود المنهج.
٣- إن الكشف عن هذه القرينة هو الغاية الكبرى من التحليل الإعرابي, وما دام الناس يحسون ويعترفون بالإحساس بصعوبة الإعراب أحيانًا, فإن معنى ذلك أنّ من الصعب عليهم أن يكشفوا عن هذه القرينة المعنوية "قرينة التعليق", وهي أم القرائن النحوية جميعًا.
ولقد سبق أن قلنا: إن المعنى على مستوى النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي هو معنى وظيفي, أي: إن ما يُسَمَّى المعنى على هذا المستوى هو في الواقع وظيفة المبنى التحليلي, ثم يأتي معنى الكلمة المفردة "المعنى المعجمي", وما يكون بمجموع هذين المعنيين مضافًا إليهما القرينة الاجتماعية الكبرى التي نرتضي لها اصطلاح البلاغيين "المقام "context of situstion", وكل ذلك يصنع "المعنى الدلالي".
وإذا اتضح المعنى الوظيفي المذكور أمكَنَ إعراب الجملة دون حاجة إلى المعجم أو المقام, ذلك بأن وضوح المعنى الوظيفي هو الثمرة الطبيعية لنجاح عملية "التعليق", والذي يؤدي إليه هذا الفهم بالضرورة هو التسليم بأننا لو أبحنا لأنفسنا أن نتساهل قليلًا في أمر التمسُّك بالمعنى المعجمي فكوَّنَّا نسقًا نطقيًّا من صورة بنائية عربية لا معنى لها من الناحية المعجمية, لأمكن لنا أن نعرب هذا النسق النطقي. فمثلًا يمكننا:
١- أن نحافظ على أن يشتمل النسق النطقي الهرائي على حروف عربية.
٢- وأن نحافظ على ظاهرة إدغام ما تماثل أو تقارب إلخ من هذه الحروف على الطريقة العربية.