المستثنى المنقطع في ما قام القوم إلا حمارًا"١, ونصب الاسم بعد ما أفعل في التعجب وبعد الصفة المشبهة, ولكننا لسنا هنا بصدد تفصيل القول فيها, فلنكتف بالإشارة إلى اتخاذها قرينة معنوية على إطلاقها.
وكذلك المنصوبات التي يتغيّر المعنى برفعها في نحو: وعد الله حقًّا وسقيًا لك ورعيًا ورأسك والسييف والبدار البدار وندلًا زريق المال إلخ, وكذلك نصب تمييز كم الاستفهامية, وعدم الاستثناء أو العطف بلا بعدها في مقابل ما يرد من ذلك مع كم الخبرية.
ويقول الفراء في معاني القرآن عند إعراب هذا زيد أسدًا: إن أسدًا منصوب لعدم وجود رافع.
قلنا: إن المخالفة من قبيل القيم الخلافية, ونضيف هنا أن المخالفة قرينة معنوية فقط, ولكن القيم الخلافية أعمّ من أن تكون معنوية فقط. فكما نلاحظ القيم الخلافية بين المعنى والمعنى, نلاحظها كذلك بين المبنى والمبنى, وحين تكون بين المعنى والمعنى تصحب معنوية كما رأينا من أمر المخالفة, وأما حين تكون بين المبنى والمبنى فإنها تصبح قرينة لفظية؛ لأن المبنى يتحقق بالعلامة والعلامة لفظ. وسنرى فيما بعد تحت عنوان خاص ما القرائن اللفظية وكيف تدل كل منها على مدلولها وكيف تتضافر فيما بينها وتتضافر مع القرائن المعنوية للدلالة على المعاني الوظيفية.
وأما النسبة فهي قرينة كبرى كالتخصيص, وتدخل تحتها قرائن معنوية فرعية كما دخلت القرائن المعنوية المتعددة تحت عنوان التخصيص, والنسبة قيد عام على علاقة الإسناد, أو ما وقع في نطاقها أيضًا, وهذا القيد يجعل علاقة الإسناد نسبية. وواضح أن معنى النسبة غير معنى التخصيص؛ لأن معنى التخصيص تضييق ومعنى النسبة إلحاق, والمعاني التي تدخل تحت عنوان النسبة وتتخذ قرائن في التحليل والإعراب وفي فهم النصِّ بصورة عامَّة هي ما نسميه: معاني حروف الجر, ومعها معنى الإضافة. ولقد كان الكوفيون يطلقون لفظ الإضافة على المعاني المذكورة جميعًا, ولكن ما يوقر مصطلح "الإضافة"
١ والمثال للمتقطع من المقام المنفي, ويحمل نصب المثبت عليه.