للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مادته, بأن الأمر للطلب المحض, وهذا المصدر للإفصاح, فهو قريب الشبه من "نزال" و"تراك" إلخ. مما اعتبرناه على معنى خوالف الإخالة, فحين قال الشاعر:

فندلًا زريق المال ندل الثعالب

لم يكن المعنى الذي قصد إليه مساويًا تمامًا لمعنى "اندل", وإنما أراد بذلك معنى إفصاحيًّا آخر انفعاليًّا فيه من الحث والحض على العجلة والخفة في محاولة الهرب ما عززه الشاعر بقوله: "ندل الثعالب", وهي معانٍ لا توجد في صيغة الأمر المجردة.

أما على معنى الإضافة فإن المصدر يحتمل الماضي والحال والاستقبال جميعًا ويتعين أحدها له بالقرينة الحالية أو المقالية أيضًا فتقول: "أعجبني ضرب زيد عمرًا" فيدل على المضي بقرينة "أعجبني", وتقول: "يعجبني ضرب زيدًا عمرًا الآن أو غدًا, فيحدد الظرف معنى الزمن بالحال أو الاستقبال, وتقول: "ضرب زيد عمرًا شديد" فتحتاج إلى القرينة الحالية لتدل على الزمن, فإذا كان هذا الضرب قد حدث فالزمن ماضٍ, وإذا كان حادثًا فهو الحاضر, أو متوقعًا فهو المستقبل.

بهذا نعلم أن الصفات والمصادر ليست لها دلالة صرفية على الزمن كما يدل الفعل, أي: إن النظام الزمني في الصرف يأخذ في اعتباره الأفعال دون الصفات والمصادر, أما في الاستعمال حيث يكون النص مسرح القرائن فإن القرائن الحالية والمقالية تضيف إلى الصفات والمصادر معاني جديدة لم تكن لها في الصرف, ونحن نرى ذلك مظهرًا من مظاهر تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد, وهو موضوع سبق أن شرحناه في الكلام عن النظام الصرفي. ويأتي التعدد هنا من أن الصفات والمصادر تكون أحيانًا من قبيل المسند إليه وأحيانًا من قبيل المسند, ثم هي أحيانًا من قبيل المتعدي, وأحيانًا من قبيل المفعول به الذي يتعدّى المتعدى إليه, وتكون أحيانًا حالًا وأحيانًا أخرى نعتًا, وهي مع كل هذه التقلب في المعنى باقية على مبناها, فتظل الصفات صفات والمصادر مصادر, لا يختلف النظر إليها.

<<  <   >  >>