واحدة من الظواهر السياقية التي تحل مشاكل النظام اللغوي, والتي سنشرحها تباعًا بعد قليل, وربما سميناها لمامًا "الظواهر الموقعية".
قلت: إن محاولة جهر الدال الساكنة المتلوَّة بالتاء تتسبب في ثقل العملية العضوية أو في اللبس, وكلاهما في مشكلة من مشكلات التطبيق, ولكن ثقل العملية العضوية ليست سببًا في حدوث الظواهر السياقية جميعًا؛ لأن بعضها لو نفذ في نطقه النظام كما هو لم نحسّ ثِقَل العملية النطقية في نطقه أبدًا، فلو أن المتكلم عرف عن الوقف بالسكون وأعطى الحرف الأخير حركته التي أعطاه النظام إياها لما كان في ذلك أي نوعٍ من أنواع الثقل من الناحية العضوية, بل على العكس من ذلك تمامًا نرى قوافي الشعر تأبى فعلًا تطبيق ظاهرة الوقف بالسكون ونحوه في الكثير جدًّا من الحالات, ولها في ذلك نظام فرعي عروضي خاص بها. ولكن الأسس التي تتحكم في تحقيق الظواهر السياقية لا يتحتّم أن تنبني جميعًا على ثقل العملية النطقية بالضرورة، وإنما تنبني كذلك على مراعاة أمن اللبس كما رأينا, وعلى الاعتبارات الذوقية في صياغة السياق العربي. فإذا أردنا أن نعبر عن جميع ذلك بعبارة شاملة قلنا: إن الأساس الذي يتحكم في تحقق الظواهر السياقية إنما هو كراهية التقاء صوتين أو مبنيَيْن يتنافى التقاؤهما مع أمن اللبس أو مع الذوق الصياغي للفصحى, فتحدث الظاهرة لعلاج موقف التقى فيه هذان الأمران فعلًا, وذلك نتيجة لما قضى به أحد أنظمة اللغة للمباني خارج السياق, وذلك على غرار ما نراه في العرض الآتي لأشهر الظواهر السياقية في الفصحى:
اتجاه الذوق العربي الظاهرة الموقعية الناتجة تفسيرها
١- كراهية توالي الأضداد ظاهرة التأليف الضدان هنا هما الصوتان المتنافران في النطق
٢- كراهية توالي الأضداد ظاهرة الوقف الضدان هما الحركة وهي مظهر الاستمرار والصمت وهو مظهر التوقف.
٣- كراهية توالي الأضداد ظاهرة المناسبة الضدان قيمتان صوتيتان متنافران