فلأنه ينافي الذوق العربي, وأما كراهية التماثل فلأنه يؤدي إلى اللبس. فإذا أحبت اللغة العربية التخالف فذلك لأنه يعين على أمن اللبس بواسطة ما يهيئه من المقابلات أو الفروق بين المتخالفين, أي: بواسطة استخدام القيم الخلافية التي أشرنا إليها من قبل, وقلنا: إنها لا غنى عنها للوصول إلى الوضوح أو بعبارة أخرى: للوصول إلى أمن اللبس، ومن هنا كانت الظواهر الموقعية التي ترد في السياق لتفادي ما تكرهه اللغة من تنافر أو تماثل تتجه دائمًا إلى المحافظة على التخالف على نحوٍ سنرى حين الكلام في كل ظاهرة موقعية نتناولها في الصفحات التالية. ومع أن علاج التنافر إنما يكون بالاتجاه إلى عكسه وهو التماثل, نجد الظاهرة الموقعية تكتفي -كما في ظاهرة التأليف مثلًا- بتفادي التنافر, وهو محظور أوّل دون الوصول إلى التماثل, وهو المحظور الثاني, وذلك بالوقوف عند حد التخالف.