بإسكان حرف من الحروف؛ كالتصغير يتحقق بياء ساكنة, ويشتمل النظام النحوي على ظواهر تتحقق بالإسكان كبناء بعض الصيغ والكلمات على السكون. ومعنى كل ذلك أن النظام الغوي في صوره المختلفة الصوتية والصرفية والنحوية يقرر السكون علامة على وظائف لا تؤدى إلّا به.
ولكن السياق كما ذكرنا من قبل ديناميكي متحرك, ويأتي عن حركته أن تكون له بعض المطالب, فقد تكون الكلمة السابقة مبنية على السكون والكلمة اللاحقة مبدوءة بحرف ساكن كما في قولك:"اعرض اقتراحك" فالكلمة الثانية تبدأ بحرف ساكن هو القاف, وليست الألف التي قبلها إلّا علامة إملائية على الوصل ولا تنطق الألف هنا, وإنما ينتقل المتكلم من الضاد إلى القاف بواسطة كسرة التخلص.
وقد تكون الكلمة السابقة مجزومة بالسكون واللاحقة مبدوءة بالساكن نحو:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أو "لم يطل انتظاري", فيتطلب السياق في هذه الحالة شيئًا غير الذي قدَّره النظام؛ لأن النظام قرر السكون, ولكن السياق قرَّر التخلص من هذا السكون, وعمدت اللغة إلى أن تجعل من مطلب السياق قاعدة فرعية خاصة أو نظامًا فرعيًّا ضيقًا يسمَّى التخلص من التقاء الساكنين.
وطريقة التخلص من التقاء الساكنين كما رأينا هي كسر أولهما إذا كان صحيحًا -وهذه الكسرة ليست جزءًا من بنية الكلمة وليست جزءًا من هيكلها الحركي, وليست حركة إعرابية لها, ولكنها علامة على موقع معين التقى فيه ساكنان في وسط الكلام, ومن ثَمَّ يكون التخلص من التقاء الساكنين ظاهرة موقعية من ظواهر السياق, وتكون الصلة الوحيدة بينه وبين نظام اللغة هي صلة التعارض وهي صلة سلبية.
والمعروف أن اللغة العربية قد تقبل التقاء الساكنين وتغتفره إذا كان هناك من مقررات النظام ما هو أولى بالاعتبار من التقاء الساكنين, وذلك نحو الوقف بالسكون على آخر الكلام وبعده سكون الصمت, وتفادي فك المثلين المتحركين في وسط الكلام, ومن المغتفر أن يلتقي الساكنان في الوقف نحو: قبل -بعد - عين - قوم إلخ. ومن المغتفر كذلك أن يلتقي الساكنان إذا كان