ثانيهما أول مثلين مدغمين, وقد يحدث أن يكون الأول منهما في هذه الحالة حرف لين مشكلًا بالسكون, أو أن يكون حرف مدٍّ وبعدهما في الحالتين حرف مشدد, وذلك نحو: دويبه - مدهامتان- أتحاجوني - ولا الضالين - الحاقة ما الحاقة - الطامة - الصاخة - الصافات, وتصغير هذه الكلمات المؤنثة نحو: حويقّة - طويمة - صويخة - صويفة إلخ, وكذلك قولك: ما النافية، لا الناهية، في الجارة إلخ.
وظاهرة التخلص من التقاء الساكنين في السياق تصحب جزءًا من سليقة العربي, وعادة من عاداته النطقية, فإذا تعلَّم لغة أجنبية لا تمنع التقاء الساكنين فإنّ هذا العربي سرعان ما يخضع للعادات النطقية العربية فيسعى إلى التخلص من التقاء الساكنين كلما صادفه, فإذا صادف كلمة مثل: display في اللغة الإنجليزية, فإما ألّا يكون عارفًا بتركيب الكلمة من جزءين هما dis و play وفي هذه الحالة يكسر السين, وإما أن يكون عالمًابذلك فيكسر الباء, ويكون النطق إما في صورة disiplay, وإما في صورة dispilay على الترتيب.
وفي الفصحى المعاصرة صورة من صور الاغتفار دعت إليها ضرورة التفريق بين المعاني, ولست أدري ما إذا كانت هذه الصورة مراعاة في القديم أو لا, فإذا قرأنا العبارة الآتية:
"ولما وصل الضيف تقدَّم حاملًا العلِمْ إلى المنصَّة" أدركنا أنها يمكن أن تلتبس بعبارة "ولما وصل الضيف تقدمَ حاملَ العلمِ إلى المنصَّة", والشيء الوحيد الذي يمنع هذا اللبس هو مد الألف في كلمة "حاملًا" واغتفار الساكنين في هذا الموضع ونحوه, فهل كان القدماء يفعلون ذلك في إلقائهم الكلام؟ لا أحد يدري. ومثل ذلك ما كنا نسمعه في الإذاعة من قولهم:"سافر مندوبو الرئيس إلى العواصم العربية المختلفة" ليدعو الملوك والرؤساء إلى الالتزام بسياسة عربية واحدة ضد المصالح الأمريكية إذا أعطت أمريكا الأسلحة والطائرات للعدو الصهيوني" فلا يفهم من هذه الجملة "المسموعة" ما إذا كان هناك مندوب واحد أو مندوبون متعددون إلّا بمعونة السياق الأكبر أو اغتفار الساكنين بمد الواو من كلمة "مندوبو الرئيس".