للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مساجلات جورجياس المصري]

كتب الأستاذ العقاد في العدد ٤٦٧ من "الرسالة" تحت عنوان "مساجلات" يقول: نبهت إلى كلمة لأديب يكتب في "الثقافة" بتوقيع "محمد مندور" قال فيها عني بصدد الكلام عن أبي العلاء ورسالة الغفران: "والعقاد يبدأ فيؤكد -فيما يعلم- أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير "ولسيان" في محاوراته في الألمب والهاوية، وهذا قول عجيب يدخل في سلسلة تأكيدات الأستاذ العقاد التي لا حصر لها في كل ما كتب، والتي كثيرا ما تدهشنا لجرأتها، ففكرة الرحلة إلى العالم الآخر قديمة قدم الإنسانية، عرفها اليونان قبل لوسيان وعرفها العرب قبل أبي العلاء".

وأنا أحمد الله إذ نبه الأستاذ إلى كلمة محمد مندور هذا، فالعقاد رجل لديه ما يشغله عن "الثقافة" وعن محمد مندور، وهو منهمك في قراءة أمهات كتب الأدب التي وجد فيها أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير لوسيان في محاوراته، فأنَّى له بقراءة "الثقافة"! وما هي بشيء إلى جوار عيون الأدب؟ ومن هو محمد مندور ليقرأ له وهو مأخوذ بسحر لوسيان؟

و"محمد مندور" يسره أن ينبه العقاد قبل أن يبدأ في مناقشته إلى تتمة جملته، كما هي بالثقافة عدد ١٧٦، والكل يعلم ما في أساطير اليونان من وصف لنزول أورفيوس إلى العالم الآخر ليسترد منه زوجته أوريدس، والكل يعلم وصف هوميروس لرحلة أوليس، ووصف فرجيليوس شاعر الأنيادة لرحلة أينيوس بذلك العالم، كما نعلم جميعا أشعار المتصوفة في أحلام يقظتهم ونومهم، ومن تلك الرحلات الرائع الجميل كوصف الحارث بن أسد المحاسبي في "التوهم" الذي نشره المستشرق آربري، وصدر له الأستاذ أحمد بك أمين في عصر مقارب لعصر أبي العلاء كتب ابن الشهيد رسالة "التوابع والزوابع" المنشورة بكتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" "ج٢١٠" وهي شديدة برسالة الغفران، ومع ذلك يؤكد العقاد أن فكرة الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبق أبا العلاء إليها غير لوسيان.

<<  <   >  >>