للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأدب المهموس]

[الشعر المهموس "أخي" لميخائيل نعيمة]

["أخي" لميخائيل نعيمة]

...

[الأدب المهموس]

١- الشعر المهموس:

["أخي" لميخائيل نعيمة]

أظن أنه قد حان الحين لنوضح ما نبغي من تلك الألفاظ العامة التي كررناها غير مرة طالبين إلى شعرائنا وكُتَّابنا أن يأخذوا بها إذا أرادوا أن يسموا نفوسنا، نريد أدبا مهموسا أليفا إنسانيا، وها نحن اليوم نعرض نموذجا له.

الهمس في الشعر ليس معناه الضعف، فالشاعر القوي هو الذي يهمس فتحس صوته خارجا من أعماق نفسه في نغمات حارة، ولكنه غير الخطابة التي تغلب على شعرنا فتفسده؛ إذ تبعد به عن النفس، عن الصدق، عن الدنو من القلوب. الهمس ليس معناه الارتجال فيتغنى الطبع في غير جهد ولا إحكام صناعة، وإنما هو إحساس بتأثير عناصر اللغة واستخدام تلك العناصر في تحريك النفوس وشفائها مما تجد، وهذا في الغالب لا يكون من الشاعر عن وعي بما يفعل، إنما هي غريزته المستنيرة ما تزال به حتى يقع على ما يريد. الهمس ليس معناه قصر الأدب أو الشعر على المشاعر الشخصية، فالأديب الإنساني يحدثك عن أي شيء يهمس به، فيثير فؤادك، ولو كان موضوع حديثه ملابسات لا تمت إليك بسبب.

دعنا ننظر في "أخي" قصيدة ميخائيل نعيمة، فعنده سنجد ما نريد، كنوزا لا مثيل لها في لغتنا، كنوزا تثبت في المقارنة لأروع شعر أوربي.

قصيدة وطنية قيلت في أواخر الحرب الماضية أو بعدها، فهي إذن مما نسميه أدب الملابسات الذي كثيرا ما نتناقش في إمكان اعتباره أدبا خالدا أم لا، وفي فنائه بانقضاء ظروفه أم بقائه بعدها، بل في طبيعة هذا البقاء، أهو على نحو ما تبقى الوثائق التاريخية مغبرة في دار المحفوظات أم كأدب دائم الحياة دائم الهز للنفوس.

أخي؟ إن ضج بعد الحرب غربي بأعماله

وقدس ذكر من ماتوا وعظم بطش أبطاله

فلا تهزج لمن سادوا ولا تشمت بمن دانا

<<  <   >  >>