للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأدب المصري المعاصر]

[النقد ووظائفه]

الآن وقد نهض جيلنا يحق لنا -بل يجب علينا- أن نحصي التراث لنرى ماذا عمل من يكبرنا سنا، وماذا بقي علينا أن نعمل؛ لنسير على بينة كما ساروا، واثقين من أن مراجعة القيم ورسم النهج وتخطيط الأفق هو دائما من عمل الشباب عند نضجه؛ إذ سرعان ما تسلمنا الحياة بطول معاشرتنا لها إلى المحافظة، اللهم إلا أن نستثني العبقريات الفذة التي تظل شابة أبد السنين. ومن البين أنه لا بد في كل نزعة ثائرة محددة من شيء من السذاجة أو ما يسميه الناس سذاجة، نستطيع معها أن نستخف بالصعوبات، وأن نعمى ولو مؤقتا عما نستهدف له من أخطار، عندما نجاهد في سبيل الحق من بأيديهم القوة والبطش.

والناظر في أدبنا الحديث يلحظ أن الجيل السابق قد نجح في شيء وأخفق في أشياء.

وأكبر ظواهر الإخفاق فيما يبدو هو خضوع ذلك الجيل لضغط الهيئة الاجتماعية، نعم إنني لا أجهل أن امتداد الزمن بالحياة كثيرا ما ينتهي بنا إلى الصلح معها، فالشيوخ عادة أكثر رضا وتفاؤلا من الشبان الساخطين المتشائمين، كما أعلم أن طول التجارب كثيرا ما يبصرنا بحدود للممكنات لم نكن نفطن لضيقها أيام حداثتنا، بل إن كل تجربة عبء يثقل خطانا. وأضيف إلى ذلك أنه قد يكون من الخير لحياتنا الاجتماعية أن ترتد هجماتنا عن بعض المقومات التي في نهوضها ضرورة لاستقامة الأمور واطرادها على نحو يشفع فيه الثبات لما عداه، وبالنفس من اليقظة ما يبصرنا بأن للحياة المادية قسوة كثيرا ما تلين أصلب العزم، وثمة الطموح وإغراء الشهرة وسحر الجاه وشهوة السلطة الزمنية وما إلى ذلك من نزعات، ولكني رغم كل هذا أتساءل: ما بال معظم كتابنا قد انتهوا بالكتابة عن "محمد"؟ أهو إيمان من يشعر باقترابه من اليوم الآخر؟ ذلك ما نرجوه. ولكن ثمة أمر لا شك فيه، هو أننا قد وصلنا إلى درجة التزمت. ولكن هالني يوما أن أرى أحد كتابنا المعروفين باتساع الأفق يدعوني إلى أن أسقط من حديث لي بالراديو كلمة "حوريات" ترجمة لعرائس الغابات المعروفة في الأساطير

<<  <   >  >>