للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المعرفةوالنقد - المهج الفقهي]

[الشعراء النقاد]

...

المعرفة والنقد - المنهج الفقهي:

[الشعراء النقاد]

نشر زميلنا الأستاذ محمد خلف الله مقالا بهذا العنوان في مجلة "الثقافة" "عدد ١٩١"، وقد وجدت فيه آثارا واضحة لمنهج عام في دراسة الأدب ونقده، لمسته غير مرة في أوساطنا الجامعية وغير الجامعية، ولما كنت أخشى أن يصيب حياتنا الأدبية بالعقم، فإنني أبادر على مناقشته.

ولباب هذا المنهج -كما نستخلصه من مقدمة المقال- هو الدعوة إلى نقد تقريري يقوم على أسس من علوم الجمال والنفس والتاريخ والاجتماع، وهذا ما يفعله الآن بعض الأساتذة الذين يظنون أن الأدب يمكن أن يحدد فهمنا له أو دراستنا لنصوصه بإقحام هذه العلوم وغيرها فيه، وهذا في الواقع ليس تجديدا، فقد سمع عنه العرب بلسان قدامة بن جعفر، وعرفته أوربا في قرن الفلسفة، القرن الثامن عشر، وقد فطن لخطئه معاصرو قدامة واللاحقون له، وفي مقدمة "أدب الكاتب" لابن قتيبة أقوى رد عليه.

ولقد عادت أوربا من ضلالها وأصبحت اليوم تؤمن -عن حق- بأن لكل علم مناهجه، وأن أي علم لا يمكن أن ينمو إلا إذا كان نموه ذاتيا ومن داخله، وأنا أعتقد أن الاتجاه الذي يدعو إليه الأستاذ خلف الله محنة ستنزل بالأدب؛ لأن معناه الانصراف عن الأدب وتذوق الأدب وفهم الأدب، والفرار إلى نظريات عامة لا فائدة منها لأحد.

النقد هو فن دراسة النصوص الأدبية، والتمييز بين الأساليب المختلفة، وهو لا يمكن أن يكون إلا موضوعيا، فهو إزاء كل لفظة يضع الإشكال ويحله، النقد وضع مستمر للمشاكل، والصعوبة هي في رؤية هذه المشاكل، وهي متى وضعت وضح حلها لساعته، والذي يضع المشاكل الأدبية ليس علم الجمال ولا علم النفس ولا أي علم في الوجود، وإنما هو الذوق الأدبي. وهذا شيء ليس له "مرجع إليه". وأسارع فأقول: إن الذوق ليس معناه ذلك الشيء العالم المبهم التحكمي. وإنما هو ملكة إن يكن مردها ككل شيء في نفوسنا إلى أصالة الطبع، إلا أنها تنمو وتصقل بالمران وعند ابن سلام الجمحي وعند الآمدي في ذلك صفحات يجب أن

<<  <   >  >>