للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعاء الكروان ١ ومشاكلة الواقع:

"دعاء الكروان" قصة يمهد نصفها الأول للنصف الأخير، تبدأ بمأساة وتنتهي بزواج، وبين الحادثتين جرائم ولوحات، منها ما يمت إلى القصة بسبب قوي، ومنها ما يتراخى به ذلك السبب وإن لم يعدم القيمة الذاتية.

رجل معوج الخلق في بيئة بدوية، يقع بالشرك في إحدى مغامراته فيقتله من اعتدى على شرفهم، ويخلف زوجة وبنتين يطردهن أهلهن دفعا للعار، فيذهبن ليعملن خادمات بإحدى مدن الريف الصغيرة: آمنة إحدى البنتين بمنزل المأمور، وهنادي أختها عند مهندس الري، وتسقط هنادي فتسير الأم ببنتيها إلى بلد آخر، حيث ينزلن ضيوفا بدوار العمدة، ومن هنا ترسل الأم إلى أخيها خبرا مع إحدى النساء اللاتي يأتين إلى السوق، فيسرع الأخ بالمجيء، ويعلم الأخ بسقوط الفتاة، فيتركهن ليعد في الطريق حفرة يدفن فيها هنادي التي صمم على قتلها في طريق العودة. وتتم الجريمة، كما دبرها تاركة في خيال آمنة أثرا عنيفا، ينتهي بها إلى الهذيان عند وصولهم، وقد استحالت عليها الحياة حتى لم تجد مفرا من أن تغادر البلدة من جديدة بمجرد أن تماسكت قواها. وينتهي بها المسير إلى بيت الأمور، حيث كانت أول الأمر، وهنالك تعلم أن المهندس قد استبدل بأختها فتاة أخرى، فتثور حفيظتها، وتود لو وجدت سبيلا إلى الانتقام، وكانت للمأمور بنت -خديجة- في سن آمنة، وحدث أن خطبت خديجة للمهندس، وإذا بآمنة تسوقها غرائز غامضة إلى عرقلة هذا الزواج، فتخبر أم الفتاة بما كان بين المهندس وهنادي، وبذلك تصل إلى ما تريد، وبعد عدة مناورات ينتهي الأمر بآمنة إلى العمل ببيت المهندس نفسه، وهنا ينشب صراع قوي دفين بين الخادمة وسيدها، ولا تزال الخادمة تلعب بالسيد، راغبة متمنعة، حتى يقع في حبها، وينتقل المهندس إلى القاهرة، حيث يعقد بينهما الزواج.

وهذا هو هيكل القصة العام. وهو في هذا التلخيص يبدو متسقا موحدا، ولكن الكتاب عند القراءة يشعرنا بوجود وحدات تكاد تكون قائمة بذاتها، ومن بينها ما


١ من المعلوم أن هذه القصة للدكتور طه حسين.

<<  <   >  >>