للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آليا، وهذا التعويض يحدث بطريقة مختلفة، منها تطويل حرف صائت بشرط ألا ينتج عن ذلك لبس يأتي من قلب الحرف القصير بطبيعته اللغوية إلى حرف طويل، ومنها مد النطق في حرف صامت متماد كالسين أو اللام أو غيرهما، ومنها الصمت بعد لفظ أو عند حرف آني كحروف الانفجار مثل الباء والفاء والدال وغيرها.

إذن فالزحافات والعلل لا تغير شيئا في كم التفاعيل عند النطق، وهي لذلك لا تكسر الوزن.

الارتكاز الشعري:

الارتكاز عنصر أساسي في الشعر العربي بل عنصر غالب، ومن تردده يتولد الإيقاع؛ ولهذا بحثنا عنه في عناية. والذي يبدو لنا هو أن هناك ارتكازا على المقطع الثاني من التفعيل القصير "فعولن". وأما التفعيل الكبير فيقع عليه ارتكازان أحدهما أساسي على المقطع الثاني، والآخر ثانوي على المقطع الآخير في "مفاعيلن"، وقد رمزنا للارتكاز الأساسي بالعلامة - وللارتكاز الثانوي بالعلامة // ومن المعلوم أن الارتكاز لا يقع إلى على مقطع طويل، ومن ثم نلاحظ أن هذا الوزن لا بد أن يسلم منه دائما مقطع طويل بعد المقطع الأول القصير، فإذا لم يحدث ذلك انكسر البيت، فالمجموعة ب // الموجودة في أول كل تفعيل من البحر الطويل هي النواة الموسيقية للبيت، وهي عبارة عن وتد مجموعة في لغة الخليل.

ومن عودة الارتكاز على هذا المقطع من كل تفعيل يتكون الإيقاع؛ لأنه -كما قلنا- عبارة عن عودة ظاهرة صوتية ما على مسافات زمنية محددة.

وإذن فاستقامة الوزن أو عدم استقامته لا تعود إلى الكم الذي تؤثر فيه الزحافات والعلل تأثيرا ظاهريا فقط، إلا إذا نتج عن هذه الزحافات والعلل فقدان للنواة الموسيقية التي تحمل الارتكاز.

ولكن هل ينتج عن ذلك أن الشعر العربي شعر ارتكازي بمعنى أن مقاطعه تتميز بأنها تحمل ارتكاز ضغط أو لا تحمله؟ الجواب أيضا بالنفي، فالمقاطع العربية كما تحمل الارتكاز تتميز بالكم كذلك، وإذن فالشعر العربي يجمع بين الكم والارتكاز وربما كان هذا سبب تعقد أوزانه.

ونلخص طبيعة الأوزان العربية بأنها تتكون من وحدات زمنية متساوية

<<  <   >  >>