للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- الشريعة الإسلامية، وحدود سريان النص الجنائي على الأشخاص:

سوى الله سبحانه وتعالى بين الناس في أصل الخلقة، فالناس جميعًا أبناء لآدم عليه السلام، وجعل الله سبحانه وتعالى أساس المفاضلة بينهم واحدًا، وهو التقوى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .

وهذا ما التزم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأكده بقوله: "لا فضل لعربي على أعجمي إلى بالتقوى".

وهذه المفاضلة هي مقياس الناس عند ربهم سبحانه وتعالى، أما عند الاحتكام للقانون الشرعي، فالناس سواسية كأسنان المشط، والتسوية بينهم واجبة١.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أبى هذا الأساس الثابت يوم خرج، وهو مريض يتحامل على كتفي بعض أصحابه، حتى وصل إلى المنبر، ولم يستطع الوقوف، فجلس ثم قال: "أيها الناس من كنت جلدت له ظهرًا، فهذا ظهري فليستقد منه، ومن أخذت له مالًا فهذا مالي، فليأخذ منه ولا يخشى الشحناء من قبلي، فإنها ليست من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له، أو حللني فلقيت ربي، وأنا طيب النفس" ٢.

ولقد علم الصحابة الأجلاء ذلك جيدًا، وطبقو وجعلوا منه قانونًا نافذًا، وأمرًا ساريًا على جميع الناس.

فهذا عمر بن الخطاب خليفة المسلمين، يعلن للناس جميعا في موسم الحج، وقد جمع ولاة أمصاره على مشهد من الحجاج، وقال للجميع: أيها الناس إني لم أرسل إليكم عمالًا ليضربوا أبشاركم، ولا يأخذوا أموالكم


١ الإقناع ج٥ ص١٤٥ صبيح الطبعة الثالثة.
٢ تاريخ ابن الأثير ج٢ ص١٥٤ ط بولاق.

<<  <   >  >>