للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبرا به وتظهير له، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ١.

والتطهير في الدنيا يتأتى باجتناب ما يلوث، والابتعاد عنه، لذا وضعت الشرائع معالم السلوك محذرة من الغواية، ومنبهة على الرشاد.

فإذا غلب الهوى، ولم يغن تحذير ولا إرشاد، وعلق اللوث بالثيباب.

كان لا بد لهذه الثياب من أن تطهر، وأن تعرض على ما يزل علق بها، ويخلصها من دنسها.

وما ذلك بالنسبة للإنسان إلا بالتزام ما شرعه الله سبحانه وتعالى، وبينه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وحدد حدوده التي هي ردع، ومنع من ارتكاب المعصية، وزجر وإيلام لمن وقع فيها، وفكرة الردع والزجر هذه، قد ثار حولها جدل ومناقشة.

بل إن مجرد محاولة استجلاء بعض أهداف التشريع العقابي، قد لاقت نفسها كثيرًا من الاعتراضات.

فيقول ابن حزم منكرًا مقالة من ذهب إلى القول بأن الردع، والزجر هدفان من أهداف تشريع العقوبة.

قالوا: إن الحدود إنما جعلت للردع، قلنا لهم: كلا، ما ذلك كما تقولون إنما ردع الله تعالى بالتحريم، وبالوعيد في الآخرة فقط، وأما بالحدود فإنما جعلها الله تعالى كما شاء، ولم يخبرنا الله تعالى أنها للردع ...

ولو كانت للردع كما تدعون لكان ألف سوط أردع من مائة، ومن ثمانين ومن أربعين ومن خمسين، ولكان قطع اليدين والرجلين أردع من


١ من الآية ٦ من سورة المائدة.

<<  <   >  >>