للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطع يد واحدة، ولكنا نقول: هي نكال وعقوبة وعذاب وجزاء، وخزي كما قال الله تعالى في المحاربة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، إلى أن يقول: وإنما التسمية في الدين إلى الله تعالى، لا إلى الناس فصح أنه جعلها كما شاء حيث يشاء، فلم يجعلها حيث لم يشأ١.

وما قاله ابن حزم ليس بجديد على أحد، إذ هو من هؤلاء الذين يقفون عند ظاهر النص، ويرى أن ما فوق ذلك مرجعه إلى الله سبحانه وتعالى.

لكن ماذا يمنع المؤمن من أن يحاول استجلاء النصوص، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد حث على الاجتهاد، ولتحقيق مصحلة البشر جميعًا خصوصًا، وإن عقوبات الحدود ليست هي الغاية، والهدف من تشريعها، وإنما هي وسيلة حاول المشروع بها أن يحول بين الإنسان واقتراف الجريمة، وصدق الله العظيم إذ يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} ٢.

كما أن ذهب إليه ابن حزم، واعتمد عليه في إلغاء القول بالردع من أن الحد لو كان ألفًا لكان أردع، هو قول بعيد في القياس بل لا يصلح؛ لأن الحد لو كان ألفًا كان أردع، ولما كان إلا إهلاكا وقتلًا.

والله سبحانه وتعالى لم يرد ذلك بعباده، وإنما أراد أن يباعد بينهم، وبين معاصيه، وأن ينتهوا عما نهى عنه رحمة منه ورأفة٣.


١ المحلى ج١٣ ص٨٩.
٢ من الآية ١٤٧ من سورة النساء.
٣ أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ص١٢٠ ط١٩٦٨.

<<  <   >  >>