للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطهورية مع أن تغير الماء قرينة تقوي كثرة المغير له، ومع ذلك طرحت ولم يلتفت إليها أخذا بالأصل، وهو بقاء الطهارة.

ومن ذلك ما لو أكل آخر الليل، وشك في طلوع الفجر صح صومه؛ لأن الأصل بقاء الليل، وعلى العكس منه من أكل آخر النهار، وشك في الغروب فالأصل بقاء النهار.

وكما إذا وقع بيقين ثم شك في حدوث ما يفسخه، فالعقد قائم١ من هذا كله تبين أن اليقين لا يزال بالشك.

القاعدة الثانية: الأصل براءة الذمة

لا تختلف هذه القاعدة عن سابقتها كثيرًا؛ لأنها تعني الإبقاء على ما هو الأصل حتى يرفع بدليل يقيني، ولذا فإنه لما كان الأصل براءة الذمة من كل تبعة، فإنه لا يجوز العدول عن هذا الأصل، إلا إذا قام دليل يقيني ينفيه، ويثبت الإدانة والتبعة.

ويمثل ما بين هذه القاعدة، وسابقتها من تقرب قول الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه: "أصل ما انبنى عليه الإقرار أني أعمل اليقين وأطرح الشك، ولا أستعمل الغلبة"٢.

ويمثل هذه القاعدة ما هو مطبق في الفقه الإسلامي من إلزام المدعي البينة؛ لأن الأصل براءة ذمه المدعى عليه، وإبقاء الأصل هو القاعدة.

وعلى هذا لو توجهت اليمين للمدعى عليه، فنكل فإنه لا يقضي بمجرد


١ الأشباه والنظائر الفقهية للسيوطي ص٥٨-٦٣ ط عيسى الحلبي أصول الفقه الإسلامي أ. د/ سلام مدكور ص٣٣٩ ط دار النهضة العربية.
٢ الأشباه والنظائر الفقهية للسيوطي ص٥٩ ط الحلبي.

<<  <   >  >>